أي اضمد العينين والطخهما (بالصبِر) بفتح الصاد وكسر الباء ويجوز إسكانها مع كسر الصاد دواء معروف، وأن هذه مفسرة، وقوله (أن اضمدهما) بكسر الميم على صيغة الأمر، والمعنى ضع عليهما بالصبر وداوهما بالاكتحال به، والصبر دواء مر يعصر من ماء شجر المر في الأرميا هرغيس، وأصل الضمد الشد، ويقال للخرقة التي يشد بها العضو المأوف أي المصاب بالآفة ضماد، وفي القاموس الصبر ككتف ولا يسكن إلا في ضرورة الشعر عصارة شجر مر، يقال ضمد الجرح يضمده من باب ضرب، وضمده بالتشديد إذا شده بالضماد وهي العصابة، وقال الطيبي: أصل الضمد الشد، يقال ضمد رأسه وجرحه إذا شده بالضماد وهو خرقة يشد بها العضو المأوف أي المصاب بالآفة، ثم قيل لوضع الدواء على الجرح وغيره وإن لم يشد (فإن) والدي (عثمان) بن عفان (رضي الله عنه حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل) وكذا المرأة (إذا اشتكى) ومرض (عينيه وهو محرم ضمدهما) بتشديد الميم أي ضمد العينين واكتحلَهما (بالصبر) وقوله ضمدهما بصيغة الماضي مشددًا كذا في المرقاة، وقال النووي: بتخفيف الميم وتشديدها، وقوله اضمدهما جاء على لغة التخفيف اهـ.
قال الخطابي: الصبر ليس بطيب ولذلك رخص له أن يتعالج به، فأما الكحل الذي لا طيب فيه فلا بأس به، قال الشافعي: وأنا له في النساء أشد كراهة مني له في الرجال، ولا أعلم على واحد منهما الفدية، ورخص في الكحل للمحرم سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق، وكره الإثمد للمحرم سفيان وإسحاق اهـ عون. واعلم أنه إذا اكتحل المحرم بكحل فيه طيب فعليه صدقة إلا أن يكون كثيرًا فعليه دم، ولو اكتحل بكحل ليس فيه طيب فلا بأس به ولا شيء عليه، ولو عصب شيئًا من جسده سوى الرأس والوجه فلا شيء عليه ويكره، وأما لو غطى ربع رأسه أو وجهه فصاعدًا فعليه دم، وفي أقل من الربع صدقة، وروى البيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت في الإثمد والكحل الأسود: إنه زينة نحن نكرهه ولا نحرمه، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق رحمهم الله تعالى إلا عند الحاجة، وأجمعوا على حله حيث لا طيب فيه، وأما الحناء فهو طيب عند الأحناف، وروى البيهقي أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يختضبن