للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ. فَحِلُّوا" فَحَللْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. قَال عَطَاءٌ: قَال جَابِرٌ: فَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ سِعَايَتِهِ

ــ

استدبرت) وما موصولة في محل النصب على المفعولية لاستقبلت، والاستقبال خلاف الاستدبار؛ والمعنى لو ظهر لي أولًا ما ظهر لي آخرًا من الإحرام بعمرة (لم أسق الهدي) معي وفعلت معكم ما أمرتكم بفعله من فسخ الحج إلى العمرة، وسائق الهدي لا يجوز له ذلك فإنه لا يحل من إحرامه حتى ينحره ولا ينحره إلا يوم النحر بخلاف من لم يسق الهدي، قال الأبي: وإنما منع الهدي من التحلل من العمرة لأن التحلل منها هو بعد الفراغ منها وآخر عملها الحلق ولو حلق منها لحلق قبل أن يبلغ الهدي محله، والله سبحانه شرط في الحلق أن يكون بعد بلوغ الهدي محله لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} الآية، لا يقال يقصر ويؤخر الحلق حتى يبلغ الهدي محله لأن الشارع جعل التقصير بمنزلة الحلق فإذا امتنع الحلق امتنع التقصير اهـ منه. وقال ابن الأثير: وإنما أراد بهذا القول تطييب قلوب أصحابه لأنه كان يشق عليهم أن يحلوا وهو محرم فقال لهم ذلك لئلا يجدوا في أنفسهم، وليعلموا أن الأفضل لهم قبول ما دعاهم إليه وأنه لولا الهدي لفعله اهـ، وقال الحافظ: فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من تطييب قلوب أصحابه وتلطفه بهم وحلمه عنهم اهـ (فحلوا) بكسر الحاء أمر من الثلاثي؛ أي اخرجوا من إحرامكم بالطواف والسعي والتقصير، قال جابر (فحللنا) من إحرامنا (و) قلنا له (سمعنا) ما قلت لنا (وأطعنا) ما أمرتنا به (قال عطاء قال جابر فقدم علي) بن أبي طالب رضي الله عنه (من سعايته) بكسر السين أي من عمله باليمن من الجباية وغيرها، قال القاضي: أي من عمله في السعي في الصدقات، قال: وقال بعض علمائنا: الذي في غير هذا الحديث أنه إنما بعث عليًّا أميرًا لا عاملًا على الصدقات إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الزكاة لقوله صلى الله عليه وسلم للفضل بن عباس وعبد المطلب بن ربيعة حين سألاه ذلك: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" ولم يستعملهما، قال القاضي: يحتمل أن عليًّا ولي الصدقات وغيرها احتسابًا أو أعطي عمالته عليها من غير الصدقة، قال: وهذا أشبه لقوله من سعايته والسعاية تختص بالصدقة هذا كلام القاضي وهذا الذي قاله حسن إلا قوله إن السعاية تختص بالعمل على الصدقة فليس كذلك لأنها تستعمل في مطلق الولاية وإن كان أكثر استعمالها في الولاية على الصدقة، ومما يدل لما ذكرته حديث حذيفة السابق في كتاب الإيمان من صحيح مسلم قال في حديث رفع الأمانة: "ولقد أتى علي زمان ما أبالي أيكم

<<  <  ج: ص:  >  >>