مستقل، قال الزرقاني: فيه صحة إحرام النفساء والحائض وهو مجمع عليه، وصحة اغتسالهما للإحرام وإن كان الدم جاريًا حال الاغتسال، وإنما أمرها بذلك وإن كان اغتسالها لا يصح للتشبه بالطاهرات كما أمر من أكل يوم عاشوراء بإمساك بقية النهار، وقال غيره: للتنبيه على أن الغسل من سنن الإحرام (واستثفري) بمثلثة بعد الفوقية (بثوب) أي اجعلي لنفسك ثفرةً كثفرة الدابة لتمنع سيلان الدم أمر من الاستثفار وهو أن تشد في وسطها شيئًا كالتكة وتأخذ خرقةً عريضة تجعلها على محل الدم، وتشد طرفيها من أمامها ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها، وهو شبيه بثفر الدابة بفتح الفاء الَّذي يجعل تحت ذنبها؛ والمعنى اجعلي هناك ما يمنع سيلان الدم تنَزُّهًا أن تظهر النجاسة على صاحب هذه العبادة إذ لا يقدر على أكثر من ذلك، قال النواوي: فيه أمر الحائض والنفساء والمستحاضة بالاستثفار (وأحرمي) أي بالنية والتلبية (فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ركعتين سنة الإحرام (في المسجد) أي في مسجد ذي الحليفة، قال ابن العجمي في منسكه: ينبغي إن كان في الميقات مسجد أن يصليهما فيه ولو صلاهما في غير المسجد فلا بأس، ولو أحرم بغير صلاة جاز ولا يصلي في الأقات المكروهة، وتجزئ المكتوبة عنهما كتحية المسجد، وقيل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، وقد قال ابن القيم: ولم ينقل أنَّه صلى الله عليه وسلم صلى للإحرام ركعتين غير فرض الظهر كذا في المرقاة، وقد سبق الكلام في استحباب ركعتي الإحرام مبسوطًا اهـ فتح الملهم (ثم ركب) رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته (القصواء) بفتح القاف وسكون الصاد وبالمد، قال أبو عبيدة: القصواء المقطوعة الأذن عرضًا، وقال محمد بن إبراهيم التيمي التابعي وغيره: إن العضباء والقصواء والجدعاء اسم لناقة واحدة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم (حتَّى إذا استوت) أي علت وارتفعت (به) صلى الله عليه وسلم (ناقته) المذكورة وظهرت (على البيداء) بالمد أي على المكان العالي المرتفع قدام ذي الحليفة بقربها إلى جهة مكة سميت بيداء لأنها لا بناء ولا أثر (نظرت إلى مد بصري) أي إلى منتهى بصري (بين يديه) أي قدامه فرأيت خلقًا كثيرًا لا يحصون (من راكب وماش و) رأيت (عن يمينه مثل ذلك) أي مثل ما رأيته بين يديه