(و) رأيت (عن يساره مثل ذلك و) رأيت (من خلفه مثل ذلك) بنصب مثل في المواضع الثلاث على أنَّه مفعول لمحذوف كما قدرناه أو لنظرت أي نظرت عن يمينه قدر مد بصري، ويجوز الرفع على الاستئناف؛ والمراد أنَّه حضر معه خلق كثير، وقد قيل إنهم أربعون ألفًا كذا في شرح المواهب، وقد تقدم ما نقله القاري في عدد الحاضرين معه صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
قال الزرقاني: وفي قوله (من راكب وماش) جواز الحج كذلك وهو إجماع، وإنما الخلاف في الأفضل، وقال الجمهور: الركوب للاقتداء به صلى الله عليه وسلم ولأنه أعون على القيام بالمناسك ولأنه أكثر نفقة ولتعظيم شعائر الحج بأبهة الركوب، وبه قال مالك في المشهور، وهو الأصح عند الشافعية، ورجح طائفة من المذهبين المشي اهـ فتح الملهم، فقالوا إن المشي أفضل من الركوب لما فيه من المشقة على النفس، ولا خلاف في أن الركوب في الوقوف بعرفة أفضل، واختلفوا في الطواف والسعي والركوب عند مالك في المناسك كلها أفضل للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم اهـ من المفهم (ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا) أي في وسطنا (وعليه ينزل القرآن) بضم أوله كما في شرح المواهب ويجوز فتحه (وهو) صلى الله عليه وسلم (يعرف تأويله) أي تفسيره على الحقيقة ومعناه الحث على التمسك بما يخبرهم به من فعله في تلك الحجة، وعبارة القرطبي يعني أنَّه إنما كان يفعل من أفعال الحج بحسب ما ينزل عليه به الوحي فيفهمه هو وبيّنه للناس بفعله ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم" رواه مسلم وأبو داود والنسائي فكانوا كما قال جابر: إذا عمل شيئًا اقتدوا به فيه وعملوه على نحو ما عمل اهـ من المفهم (وما عمل به) في الحج (من شيء) من مناسكه (عملنا به) اقتداءً به صلى الله عليه وسلم فيه زيادة في الحث على التمسك بما يخبرهم به (فأهل) أي رفع صلى الله عليه وسلم صوته (بالتوحيد) يعني قوله لا شريك لك في قوله (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك) وفيه إشارة على مخالفة ما كانت الجاهلية تقوله في تلبيتها من لفظ الشرك من قولهم إلَّا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، وقد سبق ذكر