التصرف فيها والسلطنة عليها ويوافقه قوله في رواية أخرى (فإنهن عوان عندكم) جمع عانية وهي الأسيرة لكنها ليست أسيرةً خائفةً كغيرها بل هي أسيرة آمنة (واستحللتم فروجهن) والاستمتاع بهن (بكلمة الله) تعالى التي أنزلها في كتابه بقوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء أي بكلمة الله المشتملة على الإيجاب والقبول؛ أي استحللتم بالصيغة التي ينعقد بها النِّكَاح من إيجاب وقبول، وقيل كلمة الله عبارة عن حكمه تعالى بحلية النِّكَاح وجوازه وبيان شروطه فإن حكم الله كلامه المتوجه للمحكوم عليه على جهة الاقتضاء أو التخيير والأول هو الصحيح، قال الأبي: والمعنى أن استحلالكم فروجهن وكونهن تحت أيديكم إنما كان بعهد الله وحكمه فإن نقضتم عهد الله وأبطلتم حكمه انتقم منكم اهـ.
(ولكم عليهن) لما ذكر صلى الله عليه وسلم استحلال الزوج بكلمة الله وعلم منه تأكيد الصحبة بين الزوجين انتقل إلى بيان ما على كل واحد منهما من الحقوق وبدأ بحق الأزواج لأنهم المخاطبون فقال: ولكم أيها الأزواج من الحقوق عليهن أي على زوجاتكم (أن لا يوطئن فرشكم) أي أن لا يجلسن على فرشكم (أحدًا تكرهونه) أي أن لا يدخلن أحدًا تكرهون دخوله في بيتكم سواء كرهتم ذاته أم لا، وعبر بفرشكم لأن الداخل يطأ المنزل الَّذي يدخل فيه أي أنَّه ليس للزوجة أن تمكن أحدًا ولو امرأةً أو محرمًا لها من دخول بيت زوجها إلَّا إذا علمت عدم كراهية زوجها لذلك هكذا حمله القرطبي والنووي على العموم، وعبارة القرطبي هنا معنى هذا الكلام لا يدخلن منازلكم أحدًا ممن تكرهونه، ويدخل في ذلك الرجال والنساء الأقرباء والأجانب اهـ من المفهم، وقال ابن الملك: يعني أن لا يأذن ممن تكرهون دخوله عليهن وليس وطء الفراش كنايةً عن الزنا لأنه حرام مع كل أحد تكرهونه أو لا، ولأنه لو كان المراد ذلك لكان عقوبتهن الرجم دون الضرب مع أنَّه صلى الله عليه وسلم قال:"فإن فعلن ذلك فاضربوهن .. "إلخ، وقال المازري: قيل المراد النهي عن الخلوة بالرجال لا عن الزنا لأن الزنا يوجب الحد وهو حرأم مع من يحب ومع من يكره، قال القاضي عياض: كانت عادة العرب حديث الرجال مع النساء وليس عندهم في ذلك عيب ولا ريبة حتَّى نزلت آية الحجاب فنهوا عن ذلك، قال النووي: والمختار أن معناه أنَّه لا يحل للزوجة