للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ أَذَّنَ. ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ. ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ. وَلَمْ يُصَلِّ بَينَهُمَا شَيئًا

ــ

في الخطبة التي قالها، والخطباء بعد ليست أفعالهم قدوةً ولا الناس يعتنون بمشاهدتها ونقلها فاستحب لهم البيان بالقول، وفيه حجة للمالكية وغيرهم أن خطبة عرفة فردة إذ ليس فيه أنَّه خطب خطبتين، وما روي في بعض الطرق أنه خطب خطبتين فضعيف كما قاله البيهقي وغيره اهـ، وقد تكلم عليه الشوكاني في شرح المنتقى فراجعه.

(ثم) بعد فراغه من الخطبة (أذن) بلال رضي الله عنه كما هو المصرح في بعض الروايات (ثم أقام) بلال للصلاة (فصلى) بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (الظهر ثم أقام فصلّى العصر ولم يصل بينهما) أي بين الظهر والعصر (شيئًا) من النوافل ولا غيرها أي جمع بينهما في وقت الظهر، وهذا الجمع كجمع مزدلفة جمع نسك عند الأحناف ومالك والأوزاعي، وجمع سفر عند الشافعي خلافًا لبعض أصحابه.

قال النواوي: في الحديث أنَّه يشرع الجمع بين الظهر والعصر هناك في ذلك اليوم، وقد أجمعت الأمة عليه، واختلفوا في سببه فقيل بسبب النسك وهو مذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي، وقال أكثر أصحاب الشافعي هو بسبب السفر فمن كان حاضرًا أو مسافرًا دون مرحلتين كاهل مكة لم يجز له الجمع كما لا يجوز له القصر، وفيه أن الجامع بين الصلاتين يصلي الأولى أولًا وأنه يؤذن للأولى، وأنه يقيم لكل واحدة منهما، وأنه لا يفرق بينهما، وهذا كله متفق عليه عندنا اهـ منه، وفي الدر المختار: وبعد الخطبة صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين، قال ابن عابدين: قوله بأذان أي واحد لأنه للإعلام بدخول الوقت وهو واحد، وقوله (وإقامتين) أي يقيم للظهر ثم يصليها ثم يقيم للعصر فيصليها لأن الإقامة لبيان الشروع في الصلاة بخلاف الجمع في مزدلفة لأن الصلاة الثانية هناك تؤدى في وقتها فتستغني عن تجديد الإعلام أما الثانية هنا ففي غير وقتها فتقع الحاجة إلى إقامة أخرى للإعلام بالشروع فيها، وإنما جمع بين الظهر والعصر بعرفة وبين المغرب والعشاء بمزدلفة لأن للناس يومئذ اجتماعًا لم يعهد في غير هذا الموطن، والجماعة الواحدة مطلوبة ولا بد من إقامتها في مثل هذا الجمع ليراه من هنالك ولا يتيسر اجتماعهم في وقتين، وأيضًا فلأن للناس اشتغالًا بالذكر والدعاء وهما وظيفة هذا اليوم ورعاية الأوقات وظيفة جميع السنة، وإنما يرجح في مثل هذا الشيء

<<  <  ج: ص:  >  >>