البديع النادر (ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ناقته القصواء (حتَّى أتى الموقف) أي أرض عرفات واللام للعهد والمراد موقفه الخاص، قال بعضهم: والحكمة في الوقوف بعرفة أن اجتماع المسلمين في زمان واحد ومكان واحد راغبين في رحمة الله تعالى داعين له متضرعين إليه له تأثير عظيم في نزول البركات وانتشار الروحانية، ولذلك كان الشيطان يومئذ أدحر وأحقر ما يكون، وأيضًا فاجتماعهم ذلك تحقيق لمعنى العرضة، وخصوص هذا اليوم وهذا المكان متوارث عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على ما يذكر في الأخبار عن آدم فمن بعده، والأخذ بما جرت به سنة السلف الصالح أصل أصيل في باب التوقيت اهـ فتح الملهم، وقيل إن إبراهيم - عليه السلام - حين أمر بالتأذين بالحج وقف على جبل الرحمة فنادى عليه فلذلك اجتمعوا هناك تلبيةً لندائه والله أعلم (فجعل بطن ناقته القصواء) موجهًا (إلى الصحرات) الكبار المفروشة تحت جبل الرحمة محاذيًا لها؛ وهو الجبل الَّذي في وسط أرض عرفات، والصحرات بفتحتين الأحجار الكبار أي المفترشات في أسفل جبل الرحمة وقدر الطيبي منتهيًا وتعقبه الأبي فقال: إن كان الوقوف على الصحرات صح تقديره والأظهر أنَّه تجوز بالبطن عن الوجه والتقدير وجعل وجه ناقته وهذا إن كانت الصحرات في قبلته لأنه إنما وقف مستقبل القبلة، وقال القرطبي: يعني أنَّه علا على الصحرات ناحية منها حتَّى كانت الصحوات تحاذي بطن ناقته، قال العراقي: لا حاجة إلى هذا لأن من وقف بحذاء صحرة على ناقته صار بطنها بحذائها أي إلى جانبها، وليس يشترط في محاذاة بطن الناقة لها أن يكون عاليًا عليها (وجعل حبل المشاة) أي طريق المشاة ومجتمعهم مصطفهم (بين يديه) أي قدامه فالمعنى أنَّه جعل الطريقة التي يسلكها المشاة بين يديه اهـ أبي والحبل -بفتح الحاء وسكون الموحدة وبلام في آخره- هو في اللغة ما طال من الرمل، وقيل الضخم منه، والمشاة جمع ماش ففيه تشبيههم بالرمل المجتمع والمراد جعل صف المشاة ومجتمعهم بين يديه (واستقبل القبلة) فيستحب استقبالها في الوقوف بعرفة للاتباع (فلم يزل) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لم يبرح (واقفًا حتَّى غربت الشمس) قال