أو لحرمته، وأخرج البخاري ومسلم من حديث جابر أنَّه صلى الله عليه وسلم وقف بالمزدلفة وقال:"وقفت هنا ومزدلفة كلها موقف" وأخرج أبو داود والترمذي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أصبح بجمع أتى قزح فوقف عليه وقال: "هذا قزح" وهوالموقف وجمع كلها موقف قال الترمذي: حسن صحيح (فاستقبل القبلة فدعاه) سبحانه وتعالى (وكبره وهلله) أي قال لا إله إلَّا الله (ووحده) أي قال وحده لا شريك له (فلم يزل واقفًا) على المشعر الحرام (حتَّى أسفر) الفجر أي أضاء (جدًّا) أي إسفارًا بليغًا أي إضاءة تامة، قال المحب الطبري: وهذا كمال السنة في المبيت بالمزدلفة، وعليه اعتمد من أوجب ذلك، وقال أبو حنيفة: إذا لم يكن بها بعد طلوع الفجر لزمه دم إلَّا لعذر من ضعف أو غيره، فإن كان بها أجزأه وإن لم يكن قبله وهو ظاهر ما نقله البغوي عن مالك وأحمد (فدفع) صلى الله عليه وسلم أي ذهب من مزدلفة إلى منى (قبل أن تطلع الشمس) أي شمس يوم النحر، وهذا صريح في أنَّه دفع قبل طلوع الشمس وبه أخذ الجمهور، قال النووي: قال ابن مسعود وابن عمر وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء لا يزال واقفًا فيه يدعو ويذكر حتَّى يسفر الصبح جدًّا كما في هذا الحديث، وقال مالك: يدفع قبل الإسفار والله أعلم، ونقل الطبري عن طاوس قال: كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس، ومن مزدلفة بعد أن تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير فأخر الله هذه وقدم هذه، قال الشافعي: يعني قدم المزدلفة قبل أن تطلع الشمس وأخر عرفة إلى أن تغيب الشمس اهـ فتح الملهم (وأردف) أي أركب خلفه على ناقته (الفضل بن عباس) بن عبد المطلب رضي الله عنهما، قال جابر (وكان) الفضل (رجلًا حسن الشعر أبيض وسيمًا) بفتح الواو كسر المهملة أي حسنًا وضيئًا فوصفه بوصف من يفتتن به (فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي ذهب إلى منى (مرت به) صلى الله عليه وسلم (ظعن) أي نساء راكبات الإبل (يجرين) الإبل أي يسرعن الإبل في سيره، والظعن بضم الظاء والعمين، ويجوز إسكان العين، جمع ظعينة كسفينة وسفن، وأصل الظعينة البعير الَّذي عليه المرأة ثم سميت به المرأة الراكبة