عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه قال: أقبلت مع ابن عمر من عرفات إلى المزدلفة فأذن وأقام وأمر إنسانًا فأذن وأقام فصلى بنا المغرب ثلاث ركعات ثم التفت إلينا فقال: الصلاة، فصلى بنا العشاء ركعتين، ثم دعا بعشائه، فقيل له في ذلك فقال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا. ففي هذا الحديث معارضة لحديث جابر وحديث أسامة فيرجحان بأن الأصل تعدد الإقامة بتعدد الصلاة اهـ من فتح الملهم بتصرف.
(ولم يسبح) أي لم يصل النبي صلى الله عليه وسلم (بينهما) أي بين المغرب والعشاء (شيئًا) من النوافل، والنافلة تسمى سبحة لاشتمالها على التسبيح ففيه الموالاة بين الصلاتين المجموعتين (ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم) للنوم تقوية للبدن ورحمةً للأمة ولأن في نهاره عبادات كثيرة يحتاج إلى النشاط فيها (حتَّى طلع الفجر) الصادق، وفي المواهب وشرحه: وترك صلى الله عليه وسلم قيام الليل ونام حتَّى أصبح لما تقدم له من الأعمال بعرفة من الوقوف من الزوال إلى ما بعد الغروب، واجتهاده صلى الله عليه وسلم في الدعاء، وسيره بعد الغروب إلى المزدلفة، واقتصر فيها على صلاة المغرب والعشاء قصرًا لها وجمعًا لهما جمع تأخير ورقد بقية ليلته مع كونه صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل حتَّى تورمت قدماه ولكنه أراح نفسه الشريفة لما تقدم له في عرفة من التعب وقد قال:"إن لجسدك عليك حقًّا"(وصلى الفجر) أي صلى الصبح (حين تبين له الصبح) أي حين ظهر له الفجر (بأذان واقامة) قال النواوي: فيه أنَّه يبالغ بتقديم صلاة الصبح في هذا الموضع ويتاكد التبكير بها في هذا اليوم أكثر من تأكده في سائر السنة للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن وظائف هذا اليوم كثيرة فسن المبالغة بالتبكير للصبح ليتسع الوقت للوظائف، قال القرطبي: فيه سنة المبيت بمزدلفة وصلاة الصبح بغلس، وسيأتي أنَّه أرخص لبعض نسائه في النفر منها إلى منى قبل طلوع الفجر، وفيه الأذان في السفر خلافًا لمن قال يقتصر المسافر على الإقامة اهـ من المفهم (ثم ركب) ناقته (القصواء حتَّى أتى المشعر الحرام) بفتح الميم والعين كما في القرآن، وقيل بكسر الميم، سمي المشعر لأنه مَعلَم للعبادة، والحرام لأنه من الحرم