قال النووي: قالوا لما كان الأكل من كل واحدة سنةً، وفي الأكل من جميعها كلفة ومشقة جعلت في قدر ليكون تناوله من المرق كالأكل من جميعها واتفقوا على أن الأكل من الهدي والضحية ليس بواجب اهـ، وفي المرقاة: والصحيح أنَّه مستحب، وقيل واجب لقوله تعالى فكلوا منها قال القرطبي: إنما فعل هذا ليمتثل قوله تعالى {فَكُلُوأ مِنْهَا}[الحج: ٢٨] وهما وإن لم يأكلا من كل بضعة فقد شربا من مرق كل ذلك وخصوصية علي، بالمواكلة دليل على أنَّه أشركه في الهدي، وفيه دليل على أن من حلف أن لا يأكل لحمًا فشرب مرقه أنَّه يحنث، وفيه دليل على استحباب أكل الأقل من الهدايا والضحايا والتصدق بالأكثر، وفيه دليل على جواز أكل المهدي من هدي القرآن، وقد قدمنا أنَّه كان قارنًا اهـ من المفهم (ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ناقته القصواء (فأفاض إلى البيت) أي رجع أو أسرع إلى بيت الله لطواف الفرض، ويسمى طواف الإفاضة والركن، وأكثر العلماء ومنهم أبو حنيفة أنَّه لا يجوز طواف الإفاضة بنية غيره خلافًا للشافعي حيث قال: لو نوى غيره كنذر أو وداع وقع عن الإفاضة كذا في المرقاة، قال في الدر المختار: وطواف الزيارة أول وقته بعد طلوع الفجر يوم النحر وهو في يوم الأول أفضل ويمتد وقته إلى آخر العمر فإن آخره عن أيام النحر كره تحريمًا ووجب دم لترك الواجب وهذا عند الإمكان اهـ (فصلى بمكة الظهر) أي ظهر يوم النحر، وفي المواهب وشرحه: واختلف أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يومئذ أي يوم النحر ففي رواية جابر عن مسلم أنَّه صلى الله عليه وسلم صحى بمكة ولفظه: فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر وكذا قالت عائشة عند أبي داود وغيره، وفي حديث ابن عمر في الصحيحين أنَّه صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى فهذا يعارض حديث جابر وعائشة فرجح ابن حزم في كتاب حجة الوداع له قول عائشة وجابر وتبعه على ذلك جماعة بأربعة أوجه لأنهما اثنان وهما أولى من الواحد، وثانيهما لأن عائشة أخص الناس به صلى الله عليه وسلم ولها من القرب والاختصاص ما ليس لغيرها، وثالثها لأن سياق جابر رضي، الله عنه من أولها إلى آخرها أتم سياق وهو أحفظ للقصة وضبطها حتَّى ضبط جزئياتها حتَّى أقر منها ما لا يتعلق بالمناسك وهو نزوله في الطريق فبال عند الشعب وتوضأ وضوءًا خفيفًا فمن ضبط هذا الندر فهو بضبط صلاته الظهر يوم النحر أولى، ورابعها أيضًا فإن حجة الوداع كانت في (آذار) بهمزتين فذال