المنحر وكل منى منحر) قال مالك: إلَّا ما خلف العقبة وقديد، والنحر بمنى عند مالك له ثلاثة شروط أحدها أن يوقف بالهدي بعرفة، والثاني أن يكون النحر في أيام منى، والثالث أن يكون النحر في الحج لا في عمرة، فإذا اجتمعت هذه الشروط فلا يجوز النحر إلَّا بمنى لا بغيرها اهـ من المفهم، وقال القاضي إسماعيل: إنه يجوز أن ينحر بمكة أيام منى وقد حكى أنَّه مذهب مالك، فأما العمرة فالنحر بها بمكة في بيوتها وطرقها وفجاجها، ويجزئ عند مالك النحر في العمرة بمنى فإن نحر بغير منى ومكة في الحج والعمرة لم يجز عنده وجاز عند أبي حنيفة والشافعي بأي موضع كان من الحرم قالا: والمقصود مساكين الحرم لا الموضع منه، وأجمعوا أنَّه لا يجوز فيما عدا الحرم ولا يجوز في البيت والمسجد نحر ولا ذبح (فنحر ثلاثًا وستين بيده) الشريفة، هكذا رواية الجماعة وعند ابن ماهان (بدنة) مكان بيده، وكل صواب، والأول أصوب، وفيه دلالة على أن الأولى للمهدي والمضحي أن يتولى ذلك بيده (ثم أعطى) السكين (عليًّا) ابن أبي طالب (فنحر علي ما كبر) أي ما بقي من الهدي وهو سبع وثلاثون، وكانت جملة الهدي مائة بدنة (وأشركه) أي أشرك عليًّا (في هديه) أي في نفس الهدي، ويحتمل أنَّه أشركه في نحره، وإعطاؤه ما بقي لعلي رضي الله عنه لينحرها دليل على صحة النيابة في ذلك غير أنَّه روي في غير كتاب مسلم أنَّه إنما أعطاه إياه ليهديها عن نفسه، ويدل عليه قوله وأشركه في هديه وعلى هذا فلا يكون فيه حجة على الاستنابة، وقيل إنما نحر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وستين بدنة لأنها هي التي أتى بها من المدينة كما ذكره الترمذي، وقيل إنما خص النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العدد لأنها منتهى عمره على ما هو الأصح في ذلك فكأنه أهدى عن كل سنة من عمره بدنة اهـ من المفهم.
(ثم أمر) النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ (من كل بدنة) من المائة (ببضعة) بفتح الموحدة الثانية أي بقطعة من لحمها (فجعلت) تلك البضعات (في قدر) اسم لآلة الطبخ (فطبخت) تلك البضعات (فأكلا) أي أكل النبي صلى الله عليه وسلم وعلي (من لحمها) أي من لحم القدر (وشربا من مرقها) أي من مرق القدر، قال المطرزي: الضمير المؤنث يعود إلى القدر لأنها مؤنث سماعي، وقال الطيبي: يحتمل عوده إلى الهدايا،