للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ. فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ يأتِيَ عَرَفَاتِ فَيَقِفَ بِهَا. ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا. فَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩]

ــ

يعني وغيرهم، وعرف بهذا أن المراد بهذه القبائل من كانت له من أمهاته قرشية. لا جميع القبائل المذكورة كذا في الفتح (وكان سائر العرب) وباقي الناس (يقفون بعرفة فلما جاء الإسلام أمر الله عزَّ وجلَّ نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات فيقف بها) مع الناس (ثم) بعد وقوفه (يفيض) أي يذهب (منها) أي من عرفات إلى مزدلفة، وقوله (يفيض) بضم أوله من الإفاضة وهو هنا الدفع والذهاب بكثرة تشبيهًا بفيض الماء، قال ابن الأثير: وأصل الإفاضة الصب فاستعيرت للدفع في السير، وأصله أفاض نفسه أو راحلته فرفضوا ذكر المفعول حتَّى أشبه غير المتعدي قاله ابن الأثير ومثله الدفع في هذا المعنى فيقال دفع من عرفات أي أفاض منها كأنه دفع نفسه منها ونحاها أو دفع ناقته وحملها على السير اهـ من بعض الهوامش، قالت عائشة (فذلك) أي فمصداق ذلك الَّذي ذكرته وشاهده (قوله عزَّ وجلَّ {ثُمَّ}) بعد وقوفكم بعرفة وذكركم عند المشعر الحرام ({أَفِيضُوا}) أي ارجعوا يا قريش ({مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ}) غيركم من سائر العرب وعامة الناس أي ارجعوا من المزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس للرمي والنحر إن قلنا إنه خطاب لقريش وأمر لهم بالإفاضة من حيث أفاض غيرهم، فعلى هذا القول المراد بالناس جميع العرب سوى الحمس، والقول الثاني إنه خطاب لسائر المسلمين، والمراد بالناس إبراهيم وإسماعيل وأتباعهما والمعنى على هذا القول ثم بعد ذكركم أيها المسلمون عند المشعر الحرام ارجعوا من المزدلفة إلى منى حيث أفاض الناس أي ارجعوا إلى منى للرمي والنحر في الوقت الَّذي أفاض ورجع فيه الناس أي إبراهيم وإسماعيل وأتباعهما أي ارجعوا قبل طلوع الشمس كما رجع منها إبراهيم وإسماعيل في ذلك الوقت إلى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان العرب الذين وقفوا بالمزدلفة يرجعون إلى منى بعد طلوع الشمس وهذا القول اختاره الضحاك لكن القول الأول هو الأصح الَّذي عليه جمهور المفسرين اهـ من حدائق الروح والريحان، قال الخطابي: تضمن قوله تعالى ({ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩]) الأمر بالوقوف بعرفة لأن الإفاضة إنما تكون عند اجتماعٍ قبلَهُ وكذا قال ابن بطال وزاد: وبين

<<  <  ج: ص:  >  >>