(كلهم) عربًا وعجمًا (يبلغون) أي يصلون في خروجهم (عرفات) أي يقفون في عرفات (قال هشام) بن عروة (فحدثني أبي) عروة (عن عائشة رضي الله عنها قالت: الحمس هم الذين أنزل الله عزَّ وجلَّ فيهم) أي في شانهم قوله تعالى ({ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ} قالت) عائشة في تفسير هذه الآية (كان الناس) أي جمهورهم (يفيضون) أي يرجعون (من عرفات) بعد الوقوف فيها إلى مزدلفة ثم إلى منى (وكان الحمس) أي قريش (يفيضون) أي يرجعون (من المزدلفة) إلى منى ولا يخرجون إلى عرفات لأنهم (يقولون) نحن أهل الحرم لا نخرج إلى الحل للوقوف يعنون إلى عرفات بل (لا نفيض) إلى منى (إلا من الحرم) الَّذي هو مزدلفة (فلما نزلت) آية ثم ({أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ} رجعوا إلى) منى بعد أن وقفوا (عرفات) ثم وقفوا مزدلفة، والمعنى أنهم أمروا أن يتوجهوا إلى عرفات ليقفوا بها، ثم يفيضون منها إلى مزدلفة، ثم إلى منى كسائر الناس.
قال الحافظ رحمه الله تعالى:(قوله فلما نزلت ثم أفيضوا) الآية، عرف برواية عائشة أن المخاطب بقوله تعالى ثم أفيضوا النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به من كان لا يقف بعرفة من قريش وغيرهم، وروى ابن أبي حاتم وغيره عن الضحاك أن المراد بالناس هنا إبراهيم الخليل - عليه السلام - وعنه المراد به الإمام وعن غيره آدم، وقرئ في الشواذ الناسي بكسر السين بوزن القاضي، والأول أصح، نعم الوقوف بعرفة موروث عن إبراهيم كما روى الترمذي وغيره من طريق يزيد بن شيبان قال: كنا وقوفًا بعرفة، فأتانا ابن مربع فقال: إنِّي رسول رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إليكم يقول لكم: كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم .. الحديث، ولا يلزم من ذلك أن يكون هو المراد خاصةً من قوله من حيث أفاض الناس بل هؤلاء من ذلك، والسبب فيه ما حكته عائشة رضي الله عنها.