للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيكُمْ. فَبِهِ فَائْتمُّوا. قَال: فَقَدِمَ عُمَرُ رضي الله عنه فَذَكَرْتُ ذلِكَ لَهُ. فَقَال: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ فَإِن كِتَابَ اللهِ يَأْمُرُ بِالتَّمَامِ. وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَإِن رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ

ــ

وليتأن عن العمل بها ولا يعجل، وهو افتعال من التؤدة وزان رطبة، أي فليتربص وليصغ إلى قول أمير المؤمنين وليأتم به إن ظهر له رجحان قوله والله أعلم.

وقال الأبي: (فإن قلت) كيف رجع عن اجتهاده والمجتهد لا يحل له أن يرجع إلى اجتهاد غيره؟ (قلت) يحتمل إنه قال ذلك تقية من أمير المؤمنين فليس برجوع حقيقة، والمجتهد له أن يفعل ذلك، فإذا زالت التقية رجع إلى قول نفسه، وبالجملة فهو رجوع في الظاهر لا في الباطن ويحتمل أنه رجوع حقيقةً لأجل أنه ظهر له دليل الغير لا أنه تقليد له لأن المجتهد لا يقلد غيره (فإن أمير المومنين قادم) أي قريب قدومه من المدينة (عليكم فبه) أي فبأمير المؤمنين لا بغيره (فائتموا) أي فاقتدوا به خاصة دون غيره لأن الاقتداء به واجب عليكم فيما ليس بمعصية (قال) أبو موسى (فقدم عمر رضي الله عنه) من المدينة (فذكرت ذلك) الذي أفتيته للناس أولًا ثم نهيهم عن العمل بتلك الفتيا (له) أي لعمر (فقال) عمر (أن نأخذ بكتاب الله) تعالى وتمسكنا به (فإن كتاب الله) تعالى (يأمر) نا (بالثمام) أي بإتمام الحج والعمرة يعني قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله (وإن نأخد بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل) من إحرامه (حتى بلغ الهدي محله) بفتح الميم وكسر الحاء؛ أي موضع حل ذبحه ووقته وهو منى يوم النحر، قال المازري: الأظهر أنه إنكار للفسخ لاحتجاجه بالآية والحديث وقيل في احتجاجه بالحديث أنه إنكار للتمتع والقرآن لكن على سبيل الأولى لا على سبيل المنع جملةً، ويدل عليه قوله في الآخر بعده فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ويكون هذا مثل استحبابه لأهل مكة أن يهلوا بالحج إذا رأوا هلال ذي الحجة ليبعد ما بين إحرامهم وعمل الحج ليظهر عليهم أثر الشعث، وقيل نهيه إن كان عن الفسخ فهو نهي لزوم، وإن كان عن التمتع فهو نهي ندب وإرشاد للفضل الذي هو الإفراد اهـ من المعلم بفوائد مسلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [١٥٥٩] والنسائي [٥/ ١٥٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>