تعالى عنهما إحرامهما بإحرام النبي صلى الله عليه وسلم فأمر عليًّا بالدوام على إحرامه قارنًا وأمر أبا موسى بفسخه إلى عمرة، فالجواب أن عليًّا رضي الله عنه كان معه الهدي كما كان مع النبي صلى الله عليه وسلم الهدي فبقي على إحرامه كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم وكل من معه هدي، وأبو موسى لم يكن معه فتحلل بعمرة كمن لم يكن معه هدي، ولولا الهدي مع النبي صلى الله عليه وسلم لجعلها عمرة اهـ، وقد سبق الكلام على هذا في بعض الأبواب السابقة فراجعه.
(قال) أبو موسى (فكنت أفتي) وأخبر (به) أي بفسخ الحج إلى العمرة والتحلل منه بها ثم إحرام الحج يوم التروية كالمكيين ويكون متمتعًا (الناس) أي لمن سألني من الناس أي أخبرهم بجواز الفسخ ومستنده في فتياه اعتقاده عموم مشروعية الفسخ وعدم قصره على الصحابة رضي الله عنهم كما اعتقده ذلك غيره قاله الأبي، وقال عياض: قوله (أفتي به) أي بالتمتع بالعمرة إلى الحج كما جاء مفسرًا بعد اهـ، وعبارة القرطبي: يعني أفتي الناس بالتحلل لمن أحرم بالحج بعمل العمرة، وكان أبا موسى رضي الله عنه اعتقد عموم مشروعية ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من التحلل وتعديه لغير الصحابة، ولم ير أن ذلك خاص بالصحابة رضي الله عنهم كما اعتقده غيره منهم اهـ مفهم، أي أفتى به الناس في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر (حتى كان) فتواه (في خلافة عمر رضي الله عنه فقال له) أي لأبي موسى (رجل) لم أر من ذكر اسمه (يا أبا موسى أو) قال له الرجل (يا عبد الله بن قيس) والشك من طارق بن شهاب أو ممن دونه (رويدك) يا أبا موسى أي تمهل (بعض فتياك) قليلًا وأمسك عنه واتركه، قال النواوي: أي ارفق قليلًا وأمسك عن فتياك، ويقال فتيا وفتوى لغتان، وقال القرطبي: أي ارفُقْ رفقك أو كف بعض فتياك فيصح أن يكون مصدرًا ومفعولًا (فإنك) يا أبا موسى (لا تدري) ولا تعلم (ما أحدث) وأظهر (أمير المومنين في) حكم (النسك بعدك) أي بعد فتواك (فقال) أبو موسى أي نادى في الناس (يا أيها الناس من كنا أفتيناه) أي أجبناه عن سؤاله في حكم من أحكام النسك (فتيا) بضم الفاء وسكون التاء أي جوابًا (فليتئد) أي فليتمهل