الثاني: أن يكون في غير الوارد، أمَّا فيه. . فلا يُكره الإِفراد.
الثالث: أن يكون من غير داخل الحجرة الشريفة، أمَّا هو. . فيقتصر على السلام بأن يقول بأدبٍ وخشوعٍ: السلامُ عليك يا رسول الله، فلا يُكره في حقِّه الإِفراد.
وأتى بالعاطف هنا؛ إِشارةً إِلى عدم الاستقلال، وإِنما يظهر العطفُ إِذا جعلنا كُلًّا من الجملتَين خبريةً لفظا إِنشائيةً معنىً، بخلاف ما لو جُعلت جملةُ الحمدلةِ خبريةً لفظا ومعنىً، وجملةُ الصلاةِ خبريةً لفظًا إِنشائيةً معنىً، فإنَّ الصحيحَ عدمُ جوازِ عطفِ الإِنشاءِ على الإِخبار كعكسه، فتجعل الواو للاستئناف.
والصلاةُ من الله: الرحمةُ المقرونةُ بالتعظيم، ومن الملائكة: الاستغفارُ، ومن غيرهم؛ التضرُّعُ والدعاء، ودَخَلَ في الغير جميعُ الحيوانات والجمادات؛ فإنه قد وَرَدَ: أنها صَلَّتْ وسَلَّمَتْ على سيِّدنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، كما صَرَّحَ به العلَّامةُ الحلبيُّ في "سيرته" كالعلامة الشَّنَواني في "شرح البسملة"، خلافًا لِمَنْ مَنَعَ ثبوتَ الصلاة من الحيوانات والجمادات، وعلى هذا: فهي من قبيل المشترك اشتراكًا لفظيًّا، وهو ما اتَّحَدَ لفظُه وتَعَدَّدَ معناه، كلفظ (عين)؛ فإنه وُضع للباصرةِ بوَضْعٍ وللجارية بوضعٍ وللذهب والفضة بوضعٍ وهكذا.
واختار ابنُ هشام في "مغنيه"(٢/ ٦٠٧) أَنَّ معناها واحدٌ، وهو العطف بفتح العين، لكنه يختلفُ باختلاف العاطف، فهو بالنسبة لله الرحمةُ، وبالنسبة للملائكة الاستغفارُ. . . إِلخ، وعلى هذا: فهي من قَبيل المشترك اشتراكًا معنويًّا، وهو ما اتَّحَدَ لفظُه ومعناه واشتركتْ فيه أفرادُه كأَسَدٍ؛ فإنَّ لفظَه واحدٌ ومعناه واحدٌ، وهو الحيوان المفترس واشتركتْ فيه أفرادُه.
والسَّلامُ: هو السلامةُ من النقائص والآفات، ولكن المُرادَ هنا: التحيَّةُ الدائمةُ اللائقةُ به صلى الله عليه وسلم، وهو تأمينُه مما يَخَافُه على أُمَّته لا على نفسه؛ لأنه قد غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنْبِه وما تأخَّر.
والمعنى: وأُنشئ الرحمةَ المقرونةَ بالتعظيم والتحيةَ الدائمةَ اللائقةَ به صلى الله عليه وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.