قد فعل ذلك) معناه أي أمر به، وعرف أن هذا مذهب لابن عباس، خالفه فيه الجمهور، ووافقه فيه ناس قليل منهم إسحاق بن راهويه، وعرف أن مأخذه فيه ما ذكر، وجواب الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يفسخوا حجهم فيجعلوه عمرةً، ثم اختلفوا فذهب الأكثر إلى أن ذلك كان خاصًّا بهم، وذهب طائفة على أن ذلك جائز لمن بعدهم، واتفقوا كلهم على أن من أهل بالحج مفردًا لا يضره الطواف بالبيت، وبذلك احتج عروة في حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالطواف ولم يحل من حجه ولا صار عمرة وكذا أبو بكر وعمر اهـ فتح الملهم (وما شأن أسماء والزبير) والحال أنهما (قد فعلا ذلك) أي التحلل بمجرد الطواف وهما زوجان، وأسماء هي ذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق أخت الصديقة لأب أسن منها، وهي التي استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في صلة أمها وهي مشركة، والزبير بن العوام أحد العشرة (قال) محمد بن عبد الرحمن (فجئته) أي فجئت عروة (فذكرت له) أي لعروة (ذلك) الكلام الذي قاله ذلك الرجل (فقال) عروة (من هذا) السائل الذي أرسلك إلي ولا يأتيني بنفسه؟ قال محمد (فقلت) لعروة (لا أدري) ولا أعلم من هو (قال) عروة (فما باله) أي فما بال ذلك الرجل وشأنه (لا يأتيني بنفسه) فـ (يسألني أظنه) أي أظن ذلك الرجل (عراقيًّا) يعني وهم يتعنتون في المسائل قاله الحافظ، قيل وقول عروة هذا مشعر بعدم رضاه عن العراقيين لوقوع قتل أخيه مصعب فيهم، وقد أغرب الأبي ومتابعه السنوسي في قولهما يحتمل قوله ذلك لأن أهل العراق غلب عليهم القياس وعدم التمسك بالآثار اهـ، قال محمد بن عبد الرحمن (قلت) لعروة (لا أدري) ولا أعلم هل هو عراقي أم لا؟ (قال) عروة (فإنه) أي فإن ذلك الرجل السائل (قد كذب) فيما أخبره عن رجل من الصحابة فإنه (قد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتني عائشة رضي الله عنها أن أول شيء بدأ به). رسول الله صلى الله عليه وسلم (حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت) طواف