للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكَرِهْنَا أَنْ نُكَذِّبَهُ وَنَرُدَّ عَلَيهِ. وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ فِي الْحُجْرَةِ. فَقَال عُرْوَةُ: أَلا تَسْمَعِينَ, يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! إِلَى مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالتْ: وَمَا يَقُولُ؟ قَال: يَقُولُ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرٍ إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. فَقَالتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا وَهُوَ مَعَهُ. وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ

ــ

بما في ظنه، وقد أخرج أحمد من طريق الأعمش عن مجاهد قال سأل عروة بن الزبير بن عمر في أي شهر اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: في رجب اهـ فتح الملهم، قال عروة (فكرهنا أن نكذبه ونرد عليه) قال الزرقاني: وهذا يدل على أن عندهم علمًا فسؤالهم امتحان، ففيه جواز الامتحان لكنه مذهب صحابي وفي الاحتجاج به خلاف، وكان مالك إذا عرف أنه سؤال امتحان لا يجيب ولا يحتج له بحديث "أخبروني بشجرة لا يسقط ورقها" لأن ذلك من الشارع تعليم لما اشتمل عليه من الأحكام، وترجم عليه أبو نعيم باب إلقاء العالم المسألة على طلبته ليختبر أذهانهم قاله أبو عبد الله الأبي لكن في قوله مذهب صحابي نظر إذ هو كما رأيته إنما فعله عروة ومجاهد وهما تابعيان اتفاقًا فلا حجة فيه بلا خلاف.

(وسمعنا استنان عائشة) أي صوت استياكها (في الحجرة فقال عروة ألا تسمعين يا أم المؤمنين إلى ما يقول أبو عبد الرحمن فقالت) عائشة (وما يقول) أبو عبد الرحمن (قال) عروة (يقول) أبو عبد الرحمن (اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أوبع عمر إحداهن في رجب، فقالت) عائشة (يرحم الله أبا عبد الرحمن) بالمسامحة له عن زلته وخطئه والله (ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) قط في حال من الأحوال (إلا وهو معه) أي إلا في حال حضور ابن عمر معه (وما اعتمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في) شهر (رجب قط) أي في مدة عمره، وما أسرع إليه النسيان حيث قال إحداهن في رجب فلم تنكر عليه إلا قوله إحداهن في رجب، قال القرطبي: عدم إنكار ابن عمر على عائشة يدل على أنه كان على وهم وأنه رجع لقولها، وقد تعسف من قال إن ابن عمر أراد بقوله اعتمر في رجب عمرةً قبل هجرته لأنه وإن كان محتملًا لكن قول عائشة ما اعتمر في رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه لكلامه ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها لو كانت قبل الهجرة فما الذي كان يمنعه أن يفصح بمراده فيرجع الإشكال، وأيضأ فإن قول هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>