أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ. قَال هِشَامٌ: فَكَانَ أَبِي يَدْخُلُ مِنْهُمَا كِلَيهِمَا. وَكَانَ أَبِي أَكْثَرَ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ
ــ
أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن هشام) بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي أسامة لسفيان بن عيينة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل) مكة المكرمة (عام الفتح) سنة ثمان (من كداء) بفتح الكاف وبالمد، وقوله (من أعلى مكة) بدل من كداء بإعادة الجار، قال النواوي: هكذا ضبطناه بفتح الكاف والمد وهكذا هو في نسخ بلادنا، وكذا نقله القاضي عياض من رواية الجمهور قال: وضبطه السمرقندي بفتح الكاف والقصر اهـ، قال الحافظ: قال عياض والقرطبي وغيرهما: اختلف في ضبط كداء وكدى فالأكثر على أن العليا بالفتح والمد والسفلى بالضم والقصر، وقيل بالعكس، قال النواوي: وهو غلط.
(قال هشام) بن عروة (فكان أبي) عروة بن الزبير (يدخل منهما كليهما) يعني من كداء وهي الثنية التي بأعلى مكة وهي بفتح الكاف والمد والتنوين كذا في شروح البخاري وقال الفيومي: إنه لا ينصرف للعلمية والتأنيث اهـ، لكن التأنيث ليس بلازم له لكونه اسم موضع، ومن كدى بضم الكاف والقصر وهي التي بأسفل مكة أفاده النواوي فمرجع الضمير الثنيتان العليا والسفلى بمعونة المقام وعبارة البخاري واضحة وهي من كليهما من كداء وكدى (وكان أبي) عروة (أكثر ما يدخل من كداء) بالفتح والمد أي وكان أكثر دخول أبي من الثنية العالية، وفي صحيح البخاري زيادة وكانت أقربهما إلى منزله فهو اعتذار من هشام لأبيه عروة في إكثار دخوله منها لكونه روى الحديث وخالفه لأنه رأى أن ذلك ليس بحتم لازم وكان ربما فعله وكثيرًا ما يفعل غيره بقصد التيسير اهـ، قال النووي: وأما كدي بضم الكاف وتشديد الياء فهو في طريق الخارج إلى اليمن وليس من هذين الطريقين في شيء هذا قول الجمهور والله أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث ابن عمر ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعةً واحدةً، والثاني حديث عائشة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعةً واحدةً، والله سبحانه وتعالى أعلم.