وليس فيها ذكر ابن يعمر، فإن صح هذا فهو مزيل للاعتراض الذي ذكرناه، فإنه يكون فيه فائدة كما قررناه في ابن بريدة والله أعلم.
ومنها قوله (وحدثنا عبيد الله بن معاذ وهذا حديثه) فهذه عادة لمسلم رحمه الله تعالى، وقد أكثر منها وقد استعملها غيره قليلًا، وهي دالة على تحقيقه وشديد ورعه واحتياطه ومقصوده بيان أن الروايتين اتفقتا في المعنى، واختلفتا في بعض الألفاظ، وهذا لفظ فلان، والآخر بمعناه والله أعلم.
وأما قوله (ح) بعد يحيى بن يعمر في الرواية الأولى فهي حاء التحويل من إسناد إلى إسناد آخر، وقد قدمنا ما قيل فيها مع ردنا عليه، هذا ما يتعلق بالإسناد.
(قال) يحيى (كان أول من قال) وخاض (في) نفي (القدر بالبصرة معبد الجهني) وقوله (أول) بالنصب خبر كان مقدم على اسمها، وقال بمعنى خاض وقوله (في القدر) على حذف مضاف تقديره في نفي القدر وإنكاره، والمعنى كان معبد الجهني أول من قال بنفي القدر، وخاض فيه فابتدع وخالف الصواب الذي عليه أهل الحق، قال الأبي: قيل إنَّ معبدًا هو أول من قال بالقدر، وهو ظاهر ما للآمدي، وقيل بل قيل قبله بمكة وهو ظاهر ما للثعالبي فإنه قال احترقت الكعبة وابن الزبير محصور بمكة من قبل يزيد بن معاوية، وهو أول يوم قيل فيه بالقدر، فقال أناس: احترقت بقدر الله تعالى، وقال أناس: لم تحترق بقدره، وكان سبب احتراقها أن أصحاب ابن الزبير كانوا يوقدون النار حول الكعبة فطارت شرارة فأحرقت الأستار فاحترقت، وقيل إنَّ بعض أصحابه رفع نارًا على رمح فطارت الشرارة فاحترقت، وقال الأبي: فقوله بالبصرة على الأول في موضع الحال من معبد، أي كان معبد أول من قال بنفي القدر حالة كونه بالبصرة، وعلى الثاني متعلق بقال، والباء بمعنى في الظرفية، والتقدير أول من قال في البصرة بنفي القدر معبد.
وقوله (بالقدر) القدر مصدر قَدَرْتُ الشيء بتخفيف الدال أقدره بكسرها وأقدره بضمها من بابي ضرب ونصر قدرًا بفتح أوله وسكون ثانيه وقدرًا بضمه وسكونه إذا أحطت بمقداره، ويقال فيه قدّرت أقدّر تقديرًا مشدد الدال للتضعيف، فإذا قلنا إنَّ الله تعالى قدر الأشياء فمعناه أنه تعالى علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه فلا مُحْدَث في العالم العلوي والسفلي إلَّا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته، هذا هو المعلوم من دين