(فوفق) بضم الواو وكسر الفاء المشددة (لنا عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما، قال صاحب التحرير معناه: جُعل عبد الله بن عمر وفقًا لنا أي موافقًا مصادفًا لنا وهو من الموافقة التي هي كالالتحام، يقال: أتانا لتيفاق الهلال وميفاقه أي حين أهلَّ لا قبله ولا بعده، وهي لفظة تدل على صدق الاجتماع والالتئام وفي مسند أبي يعلى الموصلي فوافق لنا بزيادة ألف والموافقة المصادفة اهـ نووي بتصرف.
قدر لنا موافقة عبد الله بن عمر ومصادفته والاجتماع معه بغتة حالة كون عبد الله (داخلًا المسجد) الحرام (فـ) ـلما رأيناه (اكتنفته أنا) أي جئت أنا عبد الله بن عمر من إحدى كنفيه وناحيتيه وجهتيه (و) اكتنفه (صاحبي) أي جاءه صاحبي من كنفه وجانبه الآخر وأكد الضمير المتصل بالمنفصل ليصح العطف عليه كما مر قريبًا يعني صرنا في ناحيتيه أي بجانبيه ثم فسر بقوله جاءه (أحدنا عن) جهة (يمينه و) جاءه (الآخر عن) جهة (شماله) وكنفا الطائر جناحاه وفي هذا تنبيه على أدب الجماعة في مشيهم مع فاضلهم وهو أنهم يكتنفونه ويحفون به احترامًا له وتأدبًا معه.
قال القرطبي: مشيا معه كذلك لأنها مشية المتأدب مع من يعظَّم لأنهما لو مشيا أمامه منعاه المشي ولو مشيا من جهة واحدة كلفاه النظر إليهما وكانت هذه الهيئة أحسن ما أمكنهما.
قال السنوسي:(قلت) إنما يتكلف النظر إليهما لو كانا يكلمانه معًا بل الظاهر أنهما اكتنفاه ولم يكونا من جهة واحدة لئلا يفوت المتطرف منهما سماع صوته لبعده. اهـ
قال يحيى بن يعمر (فظننت أن صاحبي) ورفيقي حميد بن عبد الرحمن (سيكل الكلام) أي يفوض شأن المكالمة مع عبد الله بن عمر وسؤاله عما يقول هؤلاء في القدر (إلي) أي إلى نفسي أي حسبت أن صاحبي يسكت ويفوض الكلام مع عبد الله بن عمر إلي ويتركه لي لإقدامي وجرأتي وبسطة لساني فقد جاء عنه رواية لأني كنت أبسط لسانًا منه. اهـ نووي.
وهذا اعتذار منه عن توهم اعتراض ينسب إليه من عدم المبالاة بصاحبه واستئثار
(١) في النسخة التركية: (عبد الله بن عمر بن الخطاب).