والمراد الشعب الخاص الذي يأتي ذكره، وقوله (الذي دون المزدلفة) أي الذي بقربها قبل الوصول إليها صفة ثانية للشعب (أناخ) رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وأضجعها هناك (فبال) أي قضى حاجة البول (ثم جاء) من موضع قضاء الحاجة (فصببت عليه) صلى الله عليه وسلم (الوضوء) بفتح الواو أي الماء الذي يتوضأ به، قال الحافظ: ويؤخذ منه الاستعانة في الوضوء وللفقهاء فيها تفصيل لأنها إما أن تكون في إحضار الماء مثلًا أو في صبه على المتوضئ أو مباشرة غسل أعضائه فالأول جائز لكن الأفضل خلافه، والثالث مكروه إلا إن كان لعذر، واختلف في الثاني والأصح أنه لا يكره بل هو خلاف الأول فأما وقوع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فإما لبيان الجواز وهو حينئذ أفضل في حقه أو للضرورة اهـ (فتوضأ وضوءًا) بضم الواو هنا لأنه بمعنى استعمال الماء في الأعضاء (خفيفًا) يعني توضأ وضوء الصلاة وخففه بأن توضأ مرة مرة أو خفف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عادته صلى الله عليه وسلم اهـ نووي، وفي وضوء البخاري كما هو الرواية فيما يأتي من الكتاب ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء أي لإعجاله الدفع إلى مزدلفة، قال أسامة (ثم قلت) له صلى الله عليه وسلم أتريد (الصلاة) هنا (يا رسول الله) بالنصب بفعل محذوف، ويؤيده قوله في بعض الروايات: أتصلي يا رسول الله، ويجوز الرفع والتقدير حانت الصلاة، وقال القاضي: هو بالنصب على الإغراء تذكيرًا له بصلاة المغرب، وفيه تذكير التابع بما تركه المتبوع ليفعله أو يعتذر عنه أو يبين له وجه صوابه، وكأن أسامة ظن أنه صلى الله عليه وسلم نسي صلاة المغرب، ورأى وقتها قد كاد أن يخرج أو خرج فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أنها في تلك الليلة يشرع تأخيرها لتجمع مع العشاء بالمزدلفة ولم يكن أسامة يعرف تلك السنة قبل ذلك كذا في الفتح (فقال) لي (الصلاة) بالرفع على الابتداء (أمامك) بفتح الهمزة، وبالنصب على الظرفية خبر المبتدإ أي إن الصلاة في هذه الليلة مشروعة فيما بين يديك وهو المزدلفة ففيه تأخير المغرب إلى العشاء والجمع بينهما بالمزدلفة اهـ نووي، أو الصلاة ستصلى بين يديك أو أطلق الصلاة على مكانها أي المصلي بين يديك، ومعنى أمامك لا تفوتك وستدركها، وفيه دليل على مشروعية الوضوء للدوام على الطهارة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل بذلك الوضوء شيئًا وإنما توضأ ليستديم الطهارة ولا سيما