عن راحلته (فتوضأ) للصلاة (فأسبغ) أي أكمل (الوضوء) بأركانه وهيئاته وآدابه، فيه دليل على مشروعية إعادة الوضوء من غير أن يفصل بينهما بصلاة قاله الخطابي، وفيه نظر لاحتمال أن يكون أحدث.
[فائدة] الماء الذي توضأ به النبي صلى الله عليه وسلم ليلتئذ كان من ماء زمزم أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زيادات مسند أبيه بإسناد حسن من حديث علي بن أبي طالب فيستفاد منه الرد على من منع استعمال ماء زمزم لغير الشرب اهـ فتح الملهم.
(ثم أقيمت الصلاة) أي أقام لها بلال (فصلى) بهم (المغرب ثم) بعدما انصرف من صلاة المغرب (أناخ) أي أضجع (كل إنسان) منهم ممن له راحلة (بعيره) أي راحلته (في منزله) أي في مكان نزوله وكأنهم صنعوا ذلك رفقًا بالدواب أو للأمن من تشويشهم بها وفيه إشعار بأنه خفف القراءة في الصلاتين، وفيه أنه لا بأس بالعمل اليسير بين الصلاتين المجموعتين ولا يبطل ذلك الجمع (ثم أقيمت العشاء فصلاها) ركعتين كما سيأتي التصريح به (ولم يصل بينهما) أي بين المغرب والعشاء (شيئًا) من النوافل أي لم يتنفل بينهما، وفي قوله (ثم أقيمت الصلاة) الخ دليل على جواز الاقتصار على الإقامة في الجمع من غير أذان، وقد تقدم الخلاف في ذلك في حديث جابر وأنه ذكر فيه الأذان للأول، ويحتمل قوله أقيمت ها هنا شرع فيها ففعلت بأحكامها كما يقال أقيمت السوق إذا حرك فيها ما يليق بها من البيع والشراء ولم يقصد الإخبار عن الإقامة بل عن الشروع اهـ من المفهم، وقال القرطبي أيضًا: قوله (ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله) يعني أنهم بادروا بالمغرب عند وصولهم إلى المزدلفة فصلوها قبل أن ينوخوا إبلهم ثم لما فرغوا من صلاة المغرب نوخوها ولم يحلوا رحالهم من عليها كما قال في الرواية الأخرى وكأنها شوشت عليهم بقيامها فأزالوا ما شوش عليهم، ويستدل به على جواز العمل اليسير بين الصلاتين المجموعتين، وقوله (ولم يصل بينهما شيئًا) حجة على من أجاز التنفل بين الصلاتين المجموعتين وهو قول ابن حبيب من أصحابنا وخالفه بقية أصحابنا فمنعوه اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث كما مر في الباب السابق أحمد [٥/ ٢٠٠]، والبخاري [١٦٦٩]، وأبو داود [١٩٢٥]، والنسائي [١/ ٢٩٢]، وابن ماجه [٣٠١٩].