للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال: إِذَا (١) لَقِيتَ أُولَئِكَ .. فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بَرَاءٌ (٢) مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ؛

ــ

الشرب بها الآن، ومنه قوله تعالى {مَاذَا قَال آنِفًا} أي هذه الساعة المستأنفة، وأنزلت علي سورة آنفًا.

وعبارة النووي هنا (وأن الأمر) أي أمر الخلائق إيجادًا وإعدامًا (أنف) أي مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله تعالى، وإنما يعلمه بعد وقوعه، وهذا القول قول غلاتهم وليس قول جميع القدرية، وكذب قائله وضل وافترى عافانا الله وسائر المسلمين من ذلك آمين.

(فقال) عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما ليحيى بن يعمر (إذا لقيت) ورأيت (أولئك) المبتدعة الذين ينفون القدر، أي تقدير الله سبحانه الكائنات في الأزل (فأخبرهم أني بريء منهم) أي أعلمهم أن عبد الله بن عمر بريء من دينهم الذي هو نفي القدر (وأنهم) أي وأن أولئك المبتدعة (براء مني) أي بريئون من ديني الذي هو إثبات القدر، أي لا علاقة بيني وبينهم لأن ديننا مختلف، وهذا محل الجزء الثالث من الترجمة، وهو وجوب التبري ممن لا يؤمن بالقدر، قال النووي: وهذا الذي قاله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ظاهر في تكفيره القدرية القائلين بنفي القدر لأن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان.

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: وهذا في القدرية الأولى الذين ينفون تقدم علم الله تعالى بالكائنات، قال: والقائل بهذا كافر بلا خلاف، وهؤلاء الذين ينكرون القدر هم الفلاسفة في الحقيقة، وأما معبد وأصحابه فتبع لهم، وأمّا أصحاب القدر الثاني الذي هو عبارة عن تأثير قدرة العبد، والقائل به المعتزلة ففي كفره قولان والله أعلم، وقال غير القاضي ويجوز أنه لم يُرد بهذا الكلام التكفير المخرج عن الملة فيكون من قبيل كفران النعمة، إلَّا أن قوله (ما قبله الله منه) ظاهر في التكفير فإن إحباط الأعمال إنما يكون بالكفر.

ثم قال ابن عمر (والذي يحلف به عبد الله بن عمر) أي أقسمت بالإله الذي يحلف ويقسم به ابن عمر وغيره، قال القرطبي: هو كناية عن اسم الله تعالى لأنه الذي


(١) في نسخة: (قال: فإذا).
(٢) في نسخة: (برآء).

<<  <  ج: ص:  >  >>