المستحب عند الكافة ومن حيث ما رمى من أعلى العقبة أو وسطها أو أسفلها جاز، وأما سائر الجمرات فمن فوقها اهـ إكمال المعلم، وهذا في الزمان الأول، وأما الآن فترمى كل الجمرات من كل الجهات حيث وصلت الحصى إلى موضع الرمي والله أعلم، قوله (بسبع حصيات) روي عن ابن عمر أنَّه قال من رمى بست فلا شيء عليه، وفي رواية عنه يتصدق بشيء، وعن مالك والأوزاعي من رمى بأقل من سبع وفاته التدارك يجبره بدم، وعن الشافعية في ترك حصاة مد، وفي ترك حصاتين مدان، وفي ترك ثلاثة فأكثر دم، وعن الحنفية إن ترك أقل من نصف الجمرات الثلاث فنصف صاع وإلا فدم، قوله (يكبر مع كل حصاة) برفع صوت، فيه استحباب التكبير مع كل حصاة وأجمعوا على أنَّه لو ترك التكبير لا شيء عليه، وفي بعض روايات ابن مسعود أنَّه لما فرغ من رمي جمرة العقبة قال: اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا كذا في الفتح، وفي الدر المنثور للسيوطي أخرج البيهقي في سننه عن سالم بن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - أنَّه رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وعملًا مشكورًا، وقال: حدثني أبي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كلما رمى بحصاة يقول مثل ما قلت.
(إن أناسًا يرمونها) أي يرمون جمرة العقبة (من فوقها) أي لا من أسفلها (فقال عبد الله بن مسعود هذا) المكان الذي أنا قمت فيه من بطن الوادي، وجملة قوله (والذي لا إله غيره) جملة قسمية معترضة بين المبتدإ والخبر جيء بها لتأكيد الكلام هو (مقام) النبي (الذي أنزلت عليه سورة البقرة) - صلى الله عليه وسلم - خصها بالذكر لأنَّ كثيرًا من أفعال الحج مذكور فيها فكأنه قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه أحكام المناسك، منبهًا بذلك على أن أفعال الحج توقيفية، وقيل خص البقرة بذلك لطولها وعظم قدرها وكثرة ما فيها من الأحكام اهـ فتح. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٤١٥]، والبخاري [١٧٤٨]، وأبو داود [١٩٧٤]، والترمذي [٩٠١]، والنسائيُّ [٥/ ٢٧٣].
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - فقال: