للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يُرَى عَلَيهِ أَثَرُ السَّفَرِ (١)، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبَتَيهِ، وَوَضَعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ،

ــ

وقوله (لا يرى عليه أثر السفر) أي أماراته من غبار وعرق صفة ثالثة لرجل، قال النووي: ضبطناه هنا وفي الجمع بين الصحيحين، وغيره بضم الياء التحتانية على صيغة المجهول وضبطه الحافظ أبو حازم العبدوي (٢) هنا (نرى عليه أثر السفر) بالنون المفتوحة على صيغة المعلوم، وكذا هو في مسند أبي يعلى الموصلي وكلاهما صحيح.

ويستفاد من طلوعه على تلك الحالة الحسنة استحباب تحسين الثياب والهيئة والنظافة عند الدخول على العلماء والفضلاء والملوك فإن جبريل - عليه السلام - أتى معلمًا للناس بحاله ومقاله واستحباب التجمل لحضور مجالس العلم ولذلك كان الإمام مالك إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتطيب وتمكن في الجلوس على وقار وهيبة ثم حدث فقيل له في ذلك فقال أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقوله (حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم) غاية لمحذوف تقديره دنا حتى جلس الخ، قال الأبي: وقال إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل بين يديه لأن له سمة الشيخ إذ لم يأت متعلمًا وإنما أتى معلمًا أي فدنا الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس قرب رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأسند) أي ضم ذلك الرجل الداخل (ركبتيه) أي ركبتي نفسه (إلى ركبتيه) صلى الله عليه وسلم (ووضع) ذلك الرجل الداخل (كفيه) أي كفي نفسه (على فخذيه) أي على فخذي نفسه، قال النووي: معناه إنَّ الرجل الداخل وضع كفيه على فخذي نفسه وجلس على هيئة المتعلم والله أعلم. اهـ وقال غيره: الضمير في فخذيه يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال الأبي: وفيما سيأتي للبزار ما يرفع الخلاف الواقع في ضمير فخذيه هل يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى جبريل - عليه السلام - وإن كان عوده إلى جبريل أقرب إلى التوقير، قال القرطبي: وقد روى النسائي هذا الحديث من حديث أبي هريرة وأبي ذر وزاد فيه زيادة حسنة فقالا: كان


(١) في نسخة زيادة: (ولا يعرفه منا أحد).
(٢) العبدوي: نسبة إلى عَبْدَويه أحد أجداده، وهو الإِمام الحافظ الثقة المكثر أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه الهذلي. انظر "لب اللباب" للسيوطي، وقد تصحف إلى العدوي في بعض نسخ شروح مسلم، وله ترجمة في "سير أعلام النبلاء" (١٧/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>