وحفظته (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) في حجه حجة الوداع (أين صلى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (الظهر يوم التروية) أي في اليوم الثامن من ذي الحجة، وسمي التروية -بفتح المثناة وسكون الراء وكسر الواو وتخفيف الياء التحتانية- لأنهم كانوا يروون فيها إبلهم ويتروون من الماء لأن تلك الأماكن لم تكن إذ ذاك فيها آبار ولا عيون، وأما الآن فقد كثرت فيها المياه جدا استغنوا عن حمل الماء، وقد روى الفاكهي في كتاب مكة من طريق مجاهد قال: قال عبد الله بن عمر: يا مجاهد إذا رأيت الماء بطريق مكة ورأيت البناء يعلو أخاشبها فخذ حذرك، وفي رواية فاعلم أن الأمر قد أظلك، وقيل في تسميته التروية أقوال أخرى شاذة كذا قال الحافظ في الفتح (قال) أنس في جواب عبد العزيز صلى (بمنى، قلت) له (فأين صلى العصر يوم النفر) والرجوع من منى -بفتح النون وسكون الفاء- أي يوم الانصراف من منى، قال القاري: أي النفر الثاني وهو اليوم الثالث من أيام التشريق (قال) أنس صلى (بالأبطح) أي في البطحاء التي بين مكة ومنى؛ وهي ما انبطح من الوادي واتسع وهي التي يقال لها المحصب والمعرس، وحدُّها ما بين الجبلين إلى المقبرة قاله الحافظ (ثم قال) أنس (افعل) أنت يا عبد العزيز (ما يفعل أمراؤك) في الصلاة، قال الحافظ: خشي عليه أن يحرص على ذلك فينسب إلى المخالفة، أو تفوته الصلاة مع الجماعة فقال له: صل مع الأمراء حيث يصلون، ففيه إشعار بأن الأمراء إذ ذاك لا يواظبون على صلاة الظهر ذلك اليوم بمكان معين، فأشار أنس إلى أن الذي يفعلونه جائز، وإن كان الاتباع أفضل، وقال القاري: أي لا تخالفهم فإن نزلوا به؛ أي "بالأبطح" فأنزل به وإن تركوه فاتركه حذرًا مما يتولد على المخالفة من المفاسد، فيفيد أن تركه لعذر لا بأس به. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [١٧٦٣]، وأبو داود [١٩١٢]، والترمذي [٩٦٤]، ، والنسائي [٥/ ٢٤٩].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث الأول حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه سبع