(فإن قلت) لم يكن ابن عباس قبل الإسلام موجودًا (قلت) قد يكون السؤال عما كانوا يفعلونه اهـ منه.
قوله (بإناء من نبيذ) قال الأبي: تقدم في حديث جابر أنه وجد بني عبد المطلب يسقون على زمزم فناولوه دلوًا فشرب، فظاهره أنه ليس بنبيذ، ولكن كان ذلك في حجة الوداع فلعل هذا النبيذ كان في قضية أخرى. (قلت) والأظهر أن يجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم شرب النبيذ من السقاية أولًا ثم ذهب إلى بئر زمزم فناولوه دلوًا فشرب منه، وقد ورد في رواية عكرمة عن ابن عباس عند البخاري بعد ذكر الشرب من السقاية: ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال: "اعملوا فيها فإنكم على عمل صالح" ثم قال: "لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه" يعني عاتقه، وأشار إلى عاتقه. وفي المرقاة ناقلًا عن مسند أحمد ومعجم الطبراني عن ابن عباس قال جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمزم فنزعنا له دلوًا فشرب، ثم مج فيها، ثم أفرغناها فيه، ثم قال: لولا أن تغلبوا عليها لنزعت يدي".
قوله (فشرب) الخ، قال الأبي: فيه جواز صدقة الآل بعضهم لبعض، ويجيب المانع بأن المنع إنما هو في الصدقة الواجبة وهذه ليست بصدقة وإنما هي من الضيافة، وفيه أن ما وضع من الماء في المساجد والطرق يشرب منه الغني لأنه وضع للكافة لا للفقراء، قال مالك: ولم يزل ذلك من أمر الناس اهـ.
قال القرطبي: وفي هذا الحديث من الفقه ما يدل على أن سقاية الحاج ولاية ثابتة لولد العباس لا ينازعون فيها، وقال بعض أهل العلم: وفيه إشارة إلى أن الخلافة تكون في ولد العباس، وأنه لا ينبغي أن ينازعوا فيها وأن ذلك يدوم لهم، وفيه أبواب من الفقه لا تخفى على متأمل، ومشروعية هذه السقاية من باب إكرام الضيف واصطناع المعروف، وقوله (كذا فاصنعوا) إشارة إلى السقاية بالنبيذ وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قصد التيسير عليهم وتقليل الكلف فإن الانتباذ يسير قليل المؤنة لكثرة التمر عندهم وليس كذلك العسل فإن في إحضاره كلفة وفي ثمنه كثرة والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣٦٩١]، وأبو داود [٢٠٢١].
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة أحاديث الأولى حديث ابن عمر ذكره