وأزحف بالهمزة يستعمل قاصرًا ومتعديًا (فعيي بشأنها) أي عجز عن معرفة حكمها (إن هي أبدعت) بضم الهمزة وكسر الدال وفتح العين وإسكان التاء وإن بمعنى إذ أي حين أعيت وكلت ووقفت في الطريق (كيف يأتي بها) أي كيف يفعل بها (فقال) أخي سنان: والله (لئن قدمت البلد) ودخلت مجمع الناس (لأستحفين) أي لأسألن الناس سؤالًا بليغًا (عن ذلك) الحكم الذي أشكل على يعني حكم بدنته (قال) موسى بن سلمة (فأضحيت) أي دخلت في وقت الضحى (فلما نزلنا البطحاء) أي المحصب (قال) لي سنان (انطلق) بنا (إلى ابن عباس نتحدث إليه) أي نخبر إليه خبر بدنتي (قال فذكر) سنان (له) أي لابن عباس (شأن بدنته) من إبداعها في الطريق. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد طائفي وواحد نيسابوري (فقال) ابن عباس لسنان بن سلمة (على الخبير) أي على العليم بحكم بدنتك (سقطت) أي وقفت وبالمجيب لك صادفت يعني نفسه، وفيه دليل لجواز ذكر الإنسان بعض ممادحته للحاجة، وإنما ذكر ابن عباس ذلك ترغيبًا للسامع في الاعتناء بخبره وحثًا له على الاستماع له وأنه علم محقق وهذا من أمثال العرب يضرب لمن كان عالمًا بالأمر، قال القاضي أبو الفضل: الخبير العالم والخبر العلم، وسقطت أي عثرت عبر عن العثور بالسقوط لأن عادة العاثر أن يسقط على ما يعثر عليه، يقال إن المثل لمالك بن جبير العامري، وكان من حكماء العرب، وتمثل به الفرزدق لحسين بن علي رضي الله عنهما حين أقبل يريد العراق فلقيه وهو يريد الحجاز، فقال له الحسين رضي الله عنه: ما وراءك، قال: على الخبير سقطت، قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والأمر ينزل من السماء، فقال الحسين رضي الله عنه: صدقتني اهـ. وأذكر لك يا سنان دليلًا على ما سألتني عنه من حكم بدنتك وذلك أنه (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بست عشرة بدنة) إلى مكة (مع رجل) أي مع ناجية بن جندب الأسلمي (وأمره) بتشديد الميم أي أمر ذلك الرجل وجعله أميرًا (فيها) ووكيلًا عليها لينحرها بمكة (قال) ابن عباس (فمضى) الرجل أي ذهب قليلًا (ثم رجع)