والانكسار من حزن، وبابه كما في القاموس تعب، وله ثلاثة مصادر الكأب كسبب، والكأبة كثمرة، والكآبة بمد الهمزة، وحالة كونها (حزينة) أي ذات حزن وأسف لحيضها، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يرتحل فاجأه قيام صفية على باب خبائها حزينة منكسرة القلب لحيضها، قال الحافظ: وهذا يشعر بأن الوقت الذي أراد منها ما يريد الرجل من أهله كان بالقرب من وقت النفر من منى، واستشكله بعضهم بناء على ما فهمه أن ذلك كان وقت الرحيل وليس ذلك بلازم لاحتمال أن يكون الوقت الذي أراد منها ما أراد سابقًا على الوقت الذي رآها فيه على باب خبائها الذي هو وقت الرحيل بل ولو اتحد الوقت لم يكن ذلك مانعًا من الإرادة المذكورة اهـ.
(فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (عقرى) أي عقرك الله عقرًا وجرحك جرحًا (حلقى) أي أصابك الله بداء الحلق أو حلق الله شعرك (إنك لحابستنا) أي مانعتنا من النفر والسفر إن لم تطف طواف الإفاضة (ثم قال لها أكنت) أي هل كنت (أفضت) أي طفت طواف الإفاضة (يوم النحر قالت) صفية (نعم) طفت طواف الإفاضة يوم النحر (قال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن (فانفري) بكسر الفاء أي فارتحلي واخرجي معنا إلى المدينة لأن طواف الوداع ساقط عنك بسبب الحيض، قوله (عقرى حلقى) قال الطيبي رحمه الله تعالى: هكذا روي على وزن فَعْلى بلا تنوين، والظاهر عقرًا وحلقًا بالتنوين أي عقرها الله عقرًا وحلقها الله حلقًا يعني قتلها وجرحها أو أصاب حلقها وجع وهذا دعاء لا يراد وقوعه بل عادة العرب التكلم بمثله على سبيل التلطف، وقيل هما صفتان للمرأة يعني أنها تحلق قومها وتعقرهم أي تستأصلهم من شؤمها اهـ، وقيل إنهما مصدران، والعقر الجرح والقتل وقطع العصب، والحلق إصابة وجع في الحلق أو الضرب على الحلق أو الحلق في شعر الرأس لأنهن يفعلن ذلك عند شدة المصيبة، وحقهما أن ينونا لكن أبدل التنوين بالألف إجراء للوصل مجرى الوقف اهـ، وفيه أنه لا يساعده رسمهما بالياء، وقيل إنهما تأنيث فعلان أي جعلها عقرى أي عاقرًا أي عقيمًا، وحلقى أي جعلها صاحبة وجع الحلق، وهذا وأمثال ذلك مثل تربت يداه وثكلته أمه مما يقع في كلامهم للدلالة على تهويل الخبر وأن ما سمعه لا يوافقه لا للقصد إلى وقوع مدلوله الأصلي والدلالة على التماسه اهـ من فتح الملهم.