ير أحسن منها، فلما رآهم أهل الشام هابوهم وكرهوا قتالهم فأرسل إليهم مسلم يدعوهم إلى الطاعة وبيعة يزيد وقال: يا أهل المدينة إني أكره إراقة دمائكم وانتهاك حرمكم وإني أؤجلكم ثلاثًا فمن ارعوى وراجع الحق قبلت منه وانصرفت عنكم إلى هذا الملحد الذي بمكة وجمع عليه المراق والفساق، وإن أبيتم كنا قد أعذرنا إليكم فقالوا: يا أعداء الله إنا لا نثق بعهودكم ولو أردتم أن تجوزوا إليه ما تركناكم حتى نقاتلكم، ولا تكون طريقكم علينا لغزو بيت الله تعالى لتخيفوا وتلحدوا فيه أبدًا، فلما فرغ الأجل، ناداهم مسلم: يا أهل المدينة قد انقضى الأجل ما تصنعون أتسالمون أم تحاربون؟ قالوا: بل نحارب فوقع القتال بالحرة، وكانت الهزيمة على أهل المدينة وهي وقعة الحرة المشهورة، وأباح مسلم المدينة ثلاثًا، ثم أخذ البيعة عليهم ليزيد على أنهم عبيد له إن شاء باع وإن شاء أعتق وإن شاء قتل، وكان سبب الهزيمة أن بني حارثة من أهل المدينة أدخلوا عليهم القوم من جهتهم فكانت الهزيمة، وصرخ الناس والصبيان وركب الناس بعضهم بعضًا في الطرقات، وبلغت القتلى من وجوه الناس سبعمائة من قريش والأنصار، ووجوه الموالي ومن غيرهم من النساء والصبيان والعبيد والموالي عشرة آلاف، وقيل إن الذي مات من القراء سبعمائة ثم رحل مسلم إلى مكة، فلما بلغ قديدًا حضرته الوفاة، فاستخلف على أهل الشام حصين بن نمير السكوني لعهد يزيد إليه بذلك حسبما تقدم، فنزل حصين مكة فحاصر أهلها ورمى البيت بالمنجنيق وحرقها فبعد انقضاء أربعة وستين يومًا من الحصار، بلغ ابن الزبير أن يزيد مات، ولم يبلغ حصينًا وأهل الشام موته فناداهم ابن الزبير أن طاغيتكم هلك فعلام تقاتلون، فلم يصدقوه، ثم لما استيقنوه رحلوا مولين إلى الشام، وبايع أهل الشام بعد يزيد ابنه معاوية بن يزيد وهو ابن نيف وعشرين سنة وذلك سنة أربع وستين من الهجرة، ثم توفي معاوية بن يزيد بعد أربعين يومًا من ولايته، وبايع أهل الشام بعد مروان بن الحكم، وتوفي يزيد وهو ابن ثمان وثلاثين سنة وكانت خلافته ثلاثة أعوام وثمانية أشهر، ثم توفي مروان بعد عشرة أشهر من خلافته، وبويع لابنه عبد الملك بن مروان، وبويع لابن الزبير عند موت معاوية بن يزيد بالحجاز ومكة، وتسمى بالخليفة وأذعن له سائر الأرض إلا الأردن بعد أن أقام الناس شهرين بلا خليفة، وبعث عماله إلى الحجاز والمشرق وبقي خليفة إلى أن قتله الحجاج بمكة بعد أن حوصر بها مدة، وذكر أبو عمر في التقصي أن مالكًا رحمه الله تعالى كان يقول: ابن