للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، تَرَكَهُ ابْنُ الزبَيرِ. حَتى قَدِمَ النَّاسُ الْمَوْسِمَ. يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ (أَوْ يُحَرِّبَهُمْ) عَلَى أَهْلِ الشَّامِ

ــ

الزُّبير أحق بالخلافة من مروان وابنه، قوله (قال) عطاء (لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية) تقدم في القصة عن البياسي أن حصين بن نمير السكوني الموجه من قبل يزيد رمى البيت بالمنجنيق وحرقه، وقيل في تحريقه أن رجلًا من أصحاب ابن الزُّبير رفع قبسًا على رمحه فطارت شرارة فأحرقت الستارة فاحترق البيت، قال السهيلي: وقيل إن شرارة طارت من جبل أبي قبيس، وقيل من يد امرأة والذي احترق من البيت فيما ذكر عروة بن أذينة قال: قدمت مكة يوم احترق البيت فرأيت الكعبة مجردة من الحرير، ورأيت الركن قد اسود وانصدع من ثلاثة أمكنة، فقلت: ما أصاب الكعبة؟ فأشاروا إلى رجل من أصحاب ابن الزُّبير قالوا: بسبب هذا احترقت، رفع قبسًا على رمحه.

(حين غزاها) أي حين غزا مكة (أهل الشَّام) بعد وقعة الحرة بالمدينة الكائنة في آخر ثلاث وستين سنة من الهجرة المقدسة بأمر يزيد بن معاوية رموا البيت بالمنجنيق ورموا مع الأحجار بالنار والنفط ومشاقات الكتان وغير ذلك من المحرقات فاحترقت ثياب الكعبة وأخشاب البيت (فكان من أمره) أي من أمر البيت وشأنه (ما كان) من الاحتراق، وقوله فكان من أمره معطوف على فعل الشرط للما وجوابها، قوله (تركه) أي ترك البيت (ابن الزُّبير) على حاله محروقًا من غير إصلاح ما تهدم منه (حتَّى قدم النَّاس الموسم) أي موسم الحج، وكان احتراقه لثلاثٍ خلون من شهر ربيع الأول، والموسم هي أيام الحج، والتأخير إنما هو فيما بين الزمانين؛ يعني أن ابن الزُّبير ترك الكعبة ليراها النَّاس محترقة يحرضهم على أهل الشَّام، وهو معنى قوله (يريد) بتركها على حاله (أن يجرئهم) أي أن يجرئ أهل الآفاق ويشجعهم وهو -بضم الياء وفتح الجيم وتشديد الراء المكسورة بعدها همزة- من الجراءة وهي الشجاعة أي أن يشجعهم على قتالهم بإظهار قبيح أفعالهم هذا هو المشهور في ضبطه (أو) قال عطاء: يريد أن (يحربهم) -بضم الياء وفتح الحاء المهملة وتشديد الراء المكسورة بعدها موحدة- أي يغضبهم (على أهل الشَّام) بما فعلوه بالبيت من التحريب، يقال حربت الأسد إذا أغضبته، وحربت الرَّجل إذا حملته على الغضب وعرفته بما يغضب منه، قال القاضي: وقد يكون معناه يحملهم على حرب أهل الشَّام ويحرضهم عليها ويؤكد عزائمهم لذلك، ورواه العذري يجربهم -بضم الياء وفتح الجيم وتشديد الراء المكسورة بعدها موحدة -أي يختبرهم وينظر ما

<<  <  ج: ص:  >  >>