ظهر لي في أمر البيت ومجمع عليه (فلما مضى) وتم (الثلاث) من الليالي (أجمع) ابن الزُّبير أي عزم (رأيه) وجزم نيته (على أن ينقضها) أي على أن يهدم الكعبة (فتحاماه) أي فتحامى نقض البيت (النَّاس) واجتنبوه وابتعدوا عنه وتحرزوا منه مخافة (أن ينزل بأول النَّاس يصعد فيه) أي يطلع عليه لنقضه (أمر) أي آفة وعذاب (من السماء) كما نزل بابرهة الذي أراد هدمه، وقوله (حتَّى صعده) غاية للتحامي أي تحاموا نقضه حتَّى صعد البيت (رجل) من النَّاس، وسيأتي قريبًا أن ذلك الرَّجل هو ابن الزُّبير نفسه (فألقى منه) أي قلع ورمى من البيت (حجارة) من أحجاره (فلما لم يره النَّاس) أي فلما لم ير النَّاس ذلك الرَّجل (أصابه شيء) أي عذاب من السماء (تتابعوا) أي تعاقبوا وتلاحقوا في هدمه (فنقضوه حتَّى بلغوا) ووصلوا (به) أي بنقضه (الأرض) أي أساسه من الأرض، وقال ابن عيينة في جامعه عن داود بن سابور عن مجاهد قال: خرجنا إلى منى فأقمنا بها ثلاثًا ننتظر العذاب، وارتقى ابن الزُّبير على جدار الكعبة هو بنفسه فهدم، وفي رواية أبي أُوَيس المذكورة، ثم عزل ما كان يصلح أن يعاد في البيت فبنوا به فنظروا إلى ما كان لا يصلح منها أن يبنى به فأمر به أن يحفر له في جوف الكعبة فيدفن واتبعوا قواعد إبراهيم وهي صخر أمثال الخلف من الإبل فانفضوا له أن حركوا تلك القواعد بالعتل فنفضت قواعد البيت ورأوه بنيانًا مربوطًا بعضه ببعض فحمد الله وكبره، ثم أحضر النَّاس فأحضر بوجوهم وأشرافهم فنزلوا حتَّى شاهدوا ما شاهده ورأوابنيانًا مُتّصِلًا فأشهدهم على ذلك اهـ فتح الملهم (فجعل ابن الزُّبير أعمدة فستر عليها) أي فجعل على تلك الأعمدة (الستور حتَّى ارتفع بناؤه) أي بناء البيت وظهر للنَّاس، قال النووي: المقصود بهذه الأعمدة والستور أن يستقبلها المصلون في تلك الأيام ويعرفوا موضع الكعبة ولم تزل تلك الستور حتَّى ارتفع البناء وصار مشاهدًا للنَّاس فأزالها لحصول المقصود بالبناء المرتفع من الكعبة، واستدل القاضي عياض بهذا لمذهب مالك في أن المقصود بالاستقبال البناء والبقعة، قال: وقد كان ابن عباس أشار إلى ابن الزُّبير بنحو هذا، وقال