بحسبها يشعر بأحد أخصائه على التعيين، وهو هنا كذلك، والقرينة اللفظية هي قوله: "في عداد خمس" أي في عداد الخمس التي لا يعلمها إلا الله تعالى، والسياقة هي أن الأصل في السائل عدم العلم، وجبريل - عليه السلام - هنا سائل، فالمعنى: أنت لا تعلم، وأنا لست بأعلم منك، فكلانا لا يعلم، وقيل في الجواب إنه إنما ينفي الأعلمية بوقتها على التعيين، ولهما علم بأن لها مجيئًا في وقت ما وهو العلم المشترك اهـ من الأبي.
قال القرطبي:(والساعة) في أصل الوضع مقدارٌ ما من الزمان غير معين ولا محدود لقوله تعالى: {مَا لَبِثُوا غَيرَ سَاعَةٍ}[الروم: ٥٥] وفي عرف أهل الشرع عبارة عن يوم القيامة، وفي عرف الميقاتيين جزء من أربعة وعشرين جزءًا من أوقات الليل والنهار.
(قال) الرجل السائل إن لم تخبرني يا محمد عن وقت مجيئها (فأخبرني عن أمارتها) وعلاماتها، أي عن القرائن الدالة على قربها، والأمارات جمع أمارة بفتح الهمزة وبالهاء، والأمارُ بحذفها هي العلامة، قال القرطبي: وهي تنقسم إلى معتاد كالمذكورين في الحديث، وكرفع العلم، وظهور الجهل وكثرة الزنا وشرب الخمر وإلى غير معتاد كالدجال ونزول عيسى - عليه السلام - وخروج يأجوج ومأجوج والدابة وطلوع الشمس من مغربها، قال ابن رُشد: واتفقوا على أنه لا بد من ظهور هذه الخمسة، واختلفوا في خمسة أُخر خسفٌ بالمشرق وخسفٌ بالمغرب وخسفٌ بجزيرة العرب والدخان ونار تخرج من قعر عدن تروح معهم حيث راحوا وتقيل معهم حيث قالوا، وزاد بعضهم وفتح القسطنطينية وظهور المهدي، ويأتي الكلام على المهدي إن شاء الله تعالى.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمارات التي تدل على قرب الساعة كثيرة منها (أن تلد) وتضع (الأمة) أي الرقيقة المستفرشة (ربتها) أي مالكها هكذا جاء في رواية بالتأنيث، وفي أخرى ربها بالتذكير، وفي الأخرى بعلها وهو السيد، والرب المالك، وأُنث بالرواية الأولى على معنى النسمة ليشمل الذكر والأنثى، وقيل كراهية أن يقول ربها تعظيمًا للفظ الرب ولذا ورد: "لا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي".
قال القرطبي واختلف في معنى قوله: "أن تلد الأمة ربتها" على ثلاثة أقوال: أحدها أن المراد بها أن يستولي المسلمون على بلاد الكفار فيكثر التسري فيكون ولد الأمة من سيدها بمنزلة سيدها لشرفه بأبيه، وعلى هذا فالذي يكون من أشراط الساعة