للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَبْرُورُ،

ــ

قال الحافظ: وفي حديث الباب دلالة على استحباب الاستكثار من الاعتمار خلافًا لقول من قال يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة كالمالكية ولمن قال مرة في الشهر من غيرهم واستدل لهم بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا من سنة إلى سنة وأفعاله على الوجوب أو الندب وتعقب بان المندوب لم ينحصر في أفعاله فقد كان يترك الشيء وهو يستحب فعله لرفع المشقة عن أمته وقد ندب إلى ذلك بلفظه فثبت الاستحباب من غير تقييد، واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبسًا بأعمال الحج إلا ما نقل عن الحنفية أنه يكره في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، ونقل الأثرم عن أحمد إذا اعتمر فلا بد أن يحلق أو يقصر فلا يعتمر بعد ذلك إلى عشرة أيام ليمكن حلق الرأس فيها، قال ابن قدامة: وهذا يدل على كراهة الاعتمار عنده في دون عشرة أيام اهـ.

(والحج المبرور) أي المقبول المقابل بالبر وهو الثواب يقال كما في المصباح: بر الله تعالى حجه أي قبله وبابه علم أو الذي لم يخالطه ذنب أو لا رياء فيه ولا سمعة ولا شهرة ولا تسمية باسم الحاج فيه، قال ابن خالويه: المبرور المقبول، وقال غيره: هو الذي لم يخالطه شيء من الذنب ورجحه النووي، وقال القرطبي: الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى وهي أنه هو الحج الذي توفرت أحكامه ووقع موقعًا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل والله أعلم، وقيل إنه يظهر بآخره فإن رجع خيرًا مما كان عُرف أنه مبرور، ولأحمد والحاكم من حديث جابر قالوا: يا رسول الله ما بر الحج؟ قال: "إطعام الطعام، وإفشاء السلام" وفي إسناده ضعف، فلو ثبت لكان هو المتعين دون غيره كذا في الفتح. (قلت): وفي مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة قيل: وما بره؟ قال: "إطعام الطعام، وطيب الكلام" رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن اهـ وقال ابن العربي: وقيل هو "أي الحج المبرور" الذي لا معصية بعده، قال الأبي: وهو الظاهر لقوله في الآخر: "فمن حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق " إذ المعنى حج ثم لم يفعل شيئًا من ذلك ولهذا عطفها بالفاء المشعرة بالتعقيب، وإذا فُسر بذلك كان الحديثان بمعنى واحد وتفسير الحديث بالحديث أولى اهـ.

(فإن قلت): المرتب على المبرور غير المرتب على عدم الرفث والفسق لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>