أقدره الله تعالى على التشكل بضروبها، فقد رآه مرة في صورة دحية الكلبي ورآه أخرى في صورة فحل من الإبل فاتحًا فاه يريد أن يثب على أبي جهل حين أراد أن ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا كالروح بالنسبة إلى البدن والروح لا تختلف وإنما يختلف البدن ألا ترى أنه في الجنة ينقلب البدن إلى عالم الأجسام اللطيفة النورانية الملكية، بعد أن كان كثيفًا ثخينًا، والروح لم تختلف فحقيقة جبريل - عليه السلام - كلها معلومة للنبي صلى الله عليه وسلم في أي قالب كانت هكذا قالوا والله أعلم وليس فيه نص صريح. اهـ من الأبي.
وقوله (يعلمكم دينكم) أي قواعد دينكم أو كليات دينكم، قال النووي: فيه أن الدين اسم للثلاثة الإسلام والإيمان والإحسان اهـ.
قال القاضي عياض: وهذا الحديث قد اشتمل على جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود الإيمان وأعمال الجوارح، وإخلاص السرائر، والتحفظ من آفات الأعمال حتى إن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه.
قال القرطبي: فيصلح هذا الحديث أن يقال فيه إنه أم السنة لما تضمنه من جمل علم السنة كما سُميت الفاتحة أم القرآن، لما تضمنته من جمل معاني القرآن، كما بسطنا الكلام فيها في تفسيرنا حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن فراجعه.
قال النووي (واعلم) أن هذا الحديث يجمع أنواعًا من العلوم والمعارف والآداب واللطائف بل هو أصل الإسلام كما حكيناه عن القاضي عياض، وقد تقدم في ضمن الكلام السابق، بيان جمل من فوائده، ومما لم نذكره من فوائده أنه يدل على أنه ينبغي لمن حضر مجلس العالم إذا علم بأهل المجلس حاجة إلى مسألة لا يسألون عنها، أن يسأل هو عنها ليحصل الجواب للجميع، وعلى أنه ينبغي للعالم أن يرفق بالسائل ويدنيه منه ليتمكن من سؤاله غير هائب ولا منقبض، وأنه ينبغي للسائل أن يرفق في سؤاله والله أعلم انتهى.
(واعلم) أن حكم سند هذا الحديث الصحة ودرجته أنه صحيح، وغرض المؤلف بذكره الاستدلال به على الترجمة، لأنه دل على الجزئين الأولين من الترجمة، وهو بيان معاني الإسلام والإيمان والإحسان الشرعية، وبيان وجوب الإيمان بالقدر وهو من