واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إذا كان الله كتب في اللوح المحفوظ تحريمه ثم أمر خليله بتبليغه وإنهائه فأنا أيضًا أبلغ ذلك وأنهيه إليكم فأقول فهو حرام بحرمة الله عزَّ وجلَّ اهـ من الإرشاد (وإنه) أي وإن الشأن والحال (لم يحل القتال فيه) أي في هذا البلد، وفي رواية القتل (لأحد قبلي) قال القرطبي: وظاهر هذا أن حكم الله تعالى كان في مكة أن لا يقاتل أهلها ويؤمن من استجار بها ولا يتعرض له وهو أحد أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عمران / ٩٧](ولم يحل) القتال الي) فيه (إلا ساعة من نهار) أي قطعة منه، فالضمير في يحل يعود إلى القتال قطعًا كما قررناه كما يدل عليه مساقه فيلزم منه تحريم القتال فيه مطلقًا سواء كان ساكنه مستحقًا للقتال أو لم يكن وهو الذي يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يحل لأحد بعدي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار" أي أُحل لي ساعة إراقة الدم دون الصيد وقطع الشجر، وهذا يدل على أن فتح مكة كان عنوة وقهرًا (فهو) أي هذا البلد (حرام) أي: هتك حرمته على كل أحد بعد تلك الساعة (بحرمة الله) سبحانه وتعالى المؤبدة (إلى يوم القيامة) أي إلى النفخة الأولى (لا يُعضد) أي لا يقطع (شوكه) أي ولا شجرُهُ بطريق الأولى نعم لا بأس بقطع المؤذي من الشوك كالعوسج والسعدان قياسًا على الحيوان المؤذي؛ والمراد بالشجر هنا النابت بنفسه لا المستنبت كما هو مقرر في الفروع (ولا يُنفر صيده) أي لا يستعرض له بالاصطياد والإيحاش والإزعاج اهـ مرقاة، فإن نفره عصى سواء تلف أم لا (ولا يلتقط) أي لا يأخذ لقطته أي لقطة الحرم أحد (إلا من عرّفها) على الدوام ليردها إلى صاحبها، فالضمير في عرّفها عائد إلى اللقطة الساقطة في هذه الرواية الثابتة في الرواية التالية يعني لا يتملكها بعد التعريف كما يتملكها في غيره من البلاد وهذا مذهب الشافعية وهو رأي متأخري المالكية فيما ذكره صاحب تحصيل المرام من المالكية، والصحيح من مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد أن لا خصوصية للقطتها والوجه هو الأول لأن الكلام ورد مورد الفضائل المختصة بها كتحريم صيدها وقطع شجرها وإذا سوينا بين لقطة الحرم ولقطة غيره من البلاد بقي ذكر اللقطة في هذا الحديث خاليًا عن الفائدة اهـ من الإرشاد (ولا يختلى خلاها) أي ولا يقطع نباتها الرطب، وأما القلع فمن باب أولى، وأما النبات