يصح جواب عمرو (ولا فارًّا) بالفاء من الفرار أي ولا هاربًا (بدم) والمراد من وجب عليه حد القتل فهرب إلى مكة مستجيرًا بالحرم وهي مسألة خلاف بين العلماء، وأغرب عمرو بن سعيد في سياقه الحكم مساق الدليل في تخصيصه العموم بلا مستند (ولا فارًا بخربة) أي بسرقة بفتح المعجمة وسكون الراء ثم موحدة يعني السرقة، قال ابن بطال: الخربة بالضم الفساد وبالفتح السرقة، قال في الفتح: وقد تصرف عمرو في الجواب وأتى بكلام ظاهره حق ولكن أراد به الباطل، قال ابن حزم: ولا كرامة للطيم الشيطان أن يكون أعلم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأغرب ابن بطال فزعم أن سكوت أبي شريح عن جواب عمرو بن سعيد دال على أنه رجع إليه في التفصيل المذكور ويعكر عليه ما وقع في رواية أحمد أنه قال في آخره: قال أبو شريح: فقلت لعمرو: وقد كنتُ شاهدًا وكنت غائبا، وقد أمرنا أن يُبلغ شاهدنا غائبنا، وقد بلغتك. فهذا يشعر بأنه لم يوافقه وإنما ترك مشاققته لعجزه عنه لما كان فيه من قوة الشوكة اهـ فتح الملهم. ثم قوله:(ولا فارًّا لدم) أي ولا يعيذ الحرم هاربا التجاء إليه بسبب من الأسباب الموجبة للقتل. وقوله:(ولا فارًّا بخربة) قال النووي: وتطلق على كل خيانة، والخارب: اللص المفسد في الأرض اهـ، ثم إن قوله:(إن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًّا بدم) مذكور في كتب الأصول على أنه خبر واحد ظني لا يكون صالحًا لتخصيص العام وهو العام الغير المخصوص أعني قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} فمباح الدم في الخارج إذا التجأ إلى الحرم لا يُقتل فيه ولا يُؤذى ليخرج ولكن لا يطعم ولا يسقى حتى يضطر إلى الخروج فيقتل خارج الحرم فمعنى ولا فارًّا بدم على تقدير ثبوته لا تسقط عنه العقوبة اهـ من بعض الهوامش. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٤/ ٣١]، والبخاري [١٨٣٢].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:
٣١٨٦ - (١٢٧١)(٢١)(حدثني زهير بن حرب وعبيد الله بن سعيد) بن يحيى