المصباح (ولا يصاد صيدها) وهاتان الجملتان خبريتان معناهما النهي كأنه قال: لا تقطعوا عضاهها ولا تصيدوا صيدها، قال القاري: حمل أصحابنا هذا النهي على التنزيه اهـ فتح الملهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي أخرجه في المناسك اهـ من التحفة.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث عبد الله بن زيد بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهما فقال:
٣١٩٩ - (١٢٧٩)(٢٩)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح وحدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير حدثنا أبي) عبد الله (حدثنا عثمان بن حكيم) بن عباد بن حنيف مصغرًا الأنصاري الأوسي أبو سهل الكوفي، ثقة، من (٥) روى عنه في (٦) أبواب (حدثني عامر بن سعد) بن أبي وقاص الزهريّ المدني، ثقة، من (٣) روى عنه في (٩) أبواب (عن أبيه) سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف الزهريّ المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون واثنان مدنيان (قال) سعد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أحرم ما بين لابتي المدينة) أي ما بين حرتيها، وجملة قوله:(أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها) في تأويل مصدر منصوب على أنه بدل اشتمال من ما الموصولة أي أحرم قطع عضاهها أو قتل صيدها، وكلمة أو بمعنى الواو العاطفة، وظاهر هذا الحديث مشعر بأن للمدينة حرمًا وهو مذهب الشافعي ومالك، وذهب أبو حنيفة إلى نفيه لأنه روى عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: كان قال محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة وحوش يمسكونها. ولأن جمهور الصحابة على جواز الاصطياد في المدينة فتحريمها يكون عبارة عن تعظيم قدرها يؤيد هذا المعنى قوله: "أو يقتل صيدها" بكلمة أو لأن التحريم لو كان على ظاهره لحرم القطع والقتل كلاهما كما في حرم مكة لا أحدهما، ولهذا لم ينقل عن