أحد إيجاب الجزاء بقطع شجرها اهـ ابن الملك (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المدينة خير لهم) أي للمرتحلين عنها إلى غيرها من بلاد الريف كالشام (لو كانوا يعلمون) بما فيها من الفضائل كالصلاة في مسجدها وثواب الإقامة فيها وغير ذلك، قال الأبي رحمه الله تعالى: لو هذه إن كانت امتناعية ويعلمون قاصرًا فجوابها محذوف أي لو كان من أهل العلم لعلموا خيريتها لهم ولم يفارقوها، كان كانت متعدية فالتقدير لو كانوا يعلمون ذلك لما فارقوها، كان كانت للتمني أي غائية لم تفتقر إلى جواب، وعلى التقديرين هو تجميل لمن فعل ذلك لتفويته عن نفسه أجرًا عظيمًا، ولذلك قال إلا أبدل الله فيها خيرًا منهم كما قال تعالى:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيرَكُف} الآية أي يخلق خلقًا سواكم على خلف صفتكم من الرغبة في الإيمان وفي الاكتفاء به اهـ منه (لا يدعها) أي لا يدع المدينة ولا يتركها (أحد) منكم ولا يفارقها (رغبة) وإعراضًا (عنها) وهذا القيد احتراز عمن تركها ضرورة كخوف على نفسه أو ماله اهـ من المبارق، وقال القرطبي:(رغبة عنها) أي كراهة لها من رغبت عن الشيء إذا كرهته، وقال المازري: قيل ذلك خاص بزمان حياته صلى الله عليه وسلم وقيل دائمًا ويدل عليه قوله في حديث: "يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" وهذا فيمن يخرج عنها ممن كان مستوطنًا بها لا مقيمًا اهـ.
(إلا أبدل الله فيها من هو خير منه) يعني أنه لا يضر المدينة عدمه بل ينفعها ويذهب شره إلى غيرها اهـ مبارق (ولا يثبت) أي ولا يستوطن بها (أحد) ولا يقيم فيها بالصبر (على لأوائها) أي شدتها وجوعها (وجهدها) بفتح الجيم وفي لغة قليلة بضمها أي وعلى مشقتها كشدة حرارتها وبرودتها ووبائها، وأما الجهد بضم الجيم الطاقة وحُكي فتحها (إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة) أي إلا كنت شفيعًا وشهيدًا معًا فأو بمعنى الواو أو للتقسيم أي شفيعًا لقوم من العصاة وشهيدًا لآخرين بجهدهم وهم المطيعون وليست للشك، قال القاضي عياض: إن هذا الحديث رواه جابر وسعد وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وأسماء بنت عميس وصفية بنت أبي عبيد رضي الله عنهم عن