من الهجرة وكان عمره عند الهجرة ثمان سنين ولا يلزم من عدم ذكر الأجرة عدم وقوعها والله أعلم اهـ.
(وقال) أنس (في الحديث) أي بعد قصة ذكرها (ثم) بعد مسافرته صلى الله عليه وسلم إلى خيبر (أقبل) أي رجع من سفره إلى المدينة ودنا منها (حتى إذا بدا) وظهر (له) صلى الله عليه وسلم (أُحُد) بضمتين أي جبل أحد وتراءى له وهو جبل بقرب المدينة من جهة الشام وكانت به الوقعة (قال) صلى الله عليه وسلم: (هذا) الجبل (جبل يحبنا) قيل حقيقة بأن خلق الله فيه حياة ومحبة حقيقية، وقيل مجاز عن أهله وهم الأنصار أي يحبنا أهله، وقيل: مجاز عن موافقة هوائه ومائه لهم، واختار النواوي معنى الحقيقة (ونحبه) حقيقة لكونه في أرض طيبة (فلما أشرف) صلى الله عليه وسلم واطلع (على المدينة قال: اللهم إني أحرم) وأعظم (ما بين جبليها) أي ما بين جبلي المدينة، وسيأتي في حديث علي أنه صلى الله عليه وسلم حرّم ما بين عير إلى ثور وهما جبلان على طرفي المدينة جنوبها وشمالها، قوله:(مثل) منصوب بنزع الخافض أي بمثل (ما حرّم به إبراهيم مكة) من حرمة صيدها وقطع شجرها، ثم قال:(اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم) قوله: (يحبنا ونحبه) قال الحافظ: قال القرطبي: ذهب بعض الناس إلى أن هذا الحديث محمول على حقيقته وأن الجبل خلق فيه حياة ومحبة حقيقية وقال: هو من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لا يصدر عن محقق إذ ليس في اللفظ ما يدل على ما ذكروا، والأصل بقاء الأمور على مستمر عاداتها حتى يدل قاطع على انحرافها لنبي أو ولي على ما تقرر في علم الكلام.
والذي يصح أن يحمل عليه الحديث أن يقال إن ذلك من باب المجاز المستعمل فإما من باب الحذف فكأنه قال: يحبنا أهله وهم الأنصار لأنهم جيرانه كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] وهذا المعنى موجود في كلام العرب وفي أشعارهم كثيرًا كقوله:
أمرُّ على الديار ديار ليلى ... أُقَبِّلُ ذا الجدار وذا الجدارَا