للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وما تلك الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا

وإما من باب الاستعارة أي لو كان ممن يعقل لأحبنا أو على جهة مطابقة اللفظِ اللفظَ المسمى بالمشاكلة ولأنه استشهد به من أحبه النبي صلى الله عليه وسلم كحمزة وغيره من الشهداء الذين استشهدوا به يوم أحد رضي الله عنهم اهـ من المفهم، وقال السهيلي: كان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن والاسم الحسن ولا اسم أحسن من اسم مشتق من الأحدية، قال: ومع كونه مشتقًا من الأحدية فحركات حروفه الرفع وذلك يُشعر بارتفاع دين الأحد وعلوه فتعلق الحب من النبي صلى الله عليه وسلم به لفظًا ومعنى فخص من بين الجبال بذلك اهـ من فتح الملهم. قوله: (اللهم إني أحرم ما بين جبليها) وفي لفظ آخر مأزميها -بكسر الزاي وفتح الميم الثانية- بمعنى جبليها على ما قاله ابن شعبان، قال ابن دريد: المأزم المتضايق، ومنه مأزمي منى وهذا يقرب من تفسير ابن شعبان لأن المتضايق منقطع الجبال بعضها من بعض، وهما المعبر عنهما باللابتين، ومقدار حرم المدينة ما قاله أبو هريرة أنه صلى الله عليه وسلم جعل اثني عشر ميلًا حول المدينة. قوله: (اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم) قال ابن المنير: يحتمل أن تختص هذه الدعوة بالمد الذي كان حينئذٍ حتى لا يدخل المد الحادث بعده، ويحتمل أن تعم كل مكيال لأهل المدينة إلى الأبد، قال: والظاهر الثاني كذا قال، وكلام مالك يجنح إلى الأول وهو المعتمد، وقد تغيرت المكاييل في المدينة بعد عصر مالك وإلى هذا الزمان وقد وُجد مصداق الدعوة بأن بورك في مدهم وصاعهم بحيث قدّرهما أكثر فقهاء الأمصار ومقلدوهم إلى اليوم في غالب الكفارات، قال ابن بطال عن المهلب: دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة في صاعهم ومدهم خصهم من البركة ما اضطر أهل الآفاق إلى قصدهم في ذلك المعيار المدعو له بالبركة ليجعلوه طريقة متبعة في معاشهم وأداء ما فرض الله عليهم كذا في الفتح، وقال العيني: البركة النماء والزيادة وتكون بمعنى الثبات واللزوم، وقيل: يحتمل أن تكون هذه البركة دينية وهي ما يتعلق بهذه المقادير من حقوق الله تعالى في الزكاة والكفارات فتكون بمعنى الثبات والبقاء بها لبقاء الحكم بها ببقاء الشريعة وثباتها، ويحتمل أن تكون دنيوية من تكثير الكيل والقدر بهذه الأكيال حتى يكفي منه ما لا يكفي مثله من غيره في غير المدينة، أو يرجع البركة في التصرف بها في التجارة وأرباحها أو إلى كثرة ما يكال بها من غلاتها وثمارها، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>