قال القرطبي: وهؤلاء هم اللاعنون في قوله تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}[البقرة: ١٥٩].
وقوله:(أجمعين) توكيد للملائكة والناس اهـ.
قال القرطبي: يعني من أحدث ما يخالف الشرع من بدعة أو معصية أو ظلم كما قال: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" رواه أحمد والبخاري ومسلم اهـ مفهم، قال الحافظ: فيه جواز لعن أهل المعاصي والفساد لكن لا دلالة فيه على لعن الفاسق المعين، وقال عياض: واستدل بهذا على أن الحدث في المدينة من الكبائر، وقال ابن بطال: ودل الحديث على أن من أحدث حدثًا أو آوى محدثًا في غير المدينة أنه غير متوعد بمثل ما توعد به من فعل ذلك بالمدينة وإن كان قد علم أن من آوى أهل المعاصي أنه يشاركهم في الإثم فإن من رضي فعل قوم وعملهم التحق بهم ولكن خصت المدينة بالذكر لشرفها لكونها مهبط الوحي وموطن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها انتشر الدين في أقطار الأرض فكان لها بذلك مزيد فضل على غيرها، وقال غيره: السر في تخصيص المدينة بالذكر أنها كانت إذ ذاك موطن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صارت موضع الخلفاء الراشدين (لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا) أي فريضة (ولا عدلًا) أي نافلة، والمعنى لا يقبل الله منه يوم القيامة كل خير عمله في الدنيا، قال عياض: معناه لا يقبل قبول رضا وإن قبل قبول إجزاء، وقيل يكون القبول هنا بمعنى تكفير الذنب بهما وقد يكون معنى الفدية أنه لا يجد يوم القيامة فدى يفتدى به بخلاف غيره من المذنبين بأن يفديه من النار بيهودي أو نصراني كما رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري اهـ (قال) عاصم: (فقال) موسى (بن أنس) تذكيرًا لأبيه ما نسي قل يا والدي من أحدث فيها حدثًا (أو آوى محدثًا) مع هذه الزيادة، وذكر النووي عن القاضي أن قوله:(فقال ابن أنس) تذكير من ابن أنس أباه هذه الزيادة فلا وجه لحذف ابن من أول أنس كما وقع في بعض النسخ لأن سياق هذا الحديث من أوله إلى آخره من كلام أنس فلا يتجه استدراك أنس بنفسه اهـ، ومعنى هذه الزيادة (أو آوى محدثًا) أي ضمه إليه ومنعه ممن له عليه حق ونصره، ويقال آوى بالقصر ثلاثيًّا وبالمد رباعيًّا من الإيواء متعديًا ولازمًا، والقصر في اللازم أكثر وأفصح كقوله تعالى:{أَرَأَيتَ إِذْ أَوَينَا إِلَى الصَّخْرَةِ} والمد في المتعدي أكثر وأفصح كقوله تعالى: {وَآوَينَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} وقيل الصرف التوبة والعدل الفدية قاله