وتجزئ كبنت مخاض وبنت لبون وجذعة وخلفة (وأشياء) أي وفيها بيان أشياء (من) الأروش التي تجب في بعض (الجراحات) كأرش الموضحة والهاشمة والمأمومة مثلًا، وقد تنوعت الروايات في ذكر ما في الصحيفة، ففي بعضها العقل وفكاك الأسير، وفي بعضها فرائض الصدقة وغير ذلك من الأحكام، قال الحافظ: والجمع بين هذه الروايات أن الصحيفة كانت واحدة وكان جميع ذلك مكتوبًا فيها فنقل كل واحد من الرواة عنه ما حفظه والله تعالى أعلم.
(وفيها) أي وفي تلك الصحيفة أيضًا (قال النبي صلى الله عليه وسلم: المدينة حرم ما بين عير) بفتح العين المهملة وسكون التحتانية، وفي رواية ما بين عائر على وزن فاعل (إلى ثور) وهما جبلان على طرفي المدينة المنورة كما مر في حديث أنس عير في جنوبها، وثور خلف أُحد من جهة شمالها كما في القاموس مع تاج العروس، فحديث الجبلين مع حديث اللابتين بيان لحدود حرم المدينة من جهاتها الأربع، فإن اللابتين كما شرقية وغربية، وهذان الجبلان جنوبي وشمالي، وأنكر ابن الأثير في النهاية وجود جبل يسمى بثور بالمدينة، وإنما هو بمكة وفيه الغار المذكور في التنزيل في قوله تعالى:{إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} والظن أنه مسبوق في هذا الإنكار وأنكره أبو عبيد أيضًا فقال: أما أهل المدينة فلا يعرفون جبلًا عندهم يقال له ثور وإنما ثور بمكة، وقال المحب الطبري في الأحكام بعد حكاية كلام أبي عبيد ومن تبعه: قد أخبرني الثقة العالم أبو محمد عبد السلام البصري أن حذاء أُحد عن يساره جانحًا إلى ورائه جبل صغير يقال له ثور، وأخبر أنه تكرر سؤاله عنه لطوائف من العرب العارفين بتلك الأرض وما فيها من الجبال فكل أخبر أن ذلك الجبل اسمه ثور وتواردوا على ذلك، قال: فعلمنا أن ذكر ثور في الحديث صحيح وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وعدم بحثهم عنه، قال: وهذه فائدة جليلة اهـ فتح الملهم، وعُلم مما ذكرنا أن عيرًا وثورًا اسما جبلين من جبال المدينة أولهما عظيم شامخ يقع بجنوب المدينة على مسافة ساعتين منها تقريبًا وثانيهما أحمر صغير يقع شمال أُحد ويحدان حرم المدينة جنوبًا وشمالًا (فمن أحدث) وأظهر (فيها) أي في المدينة (حدثًا) بفتحتين أي أمرًا مخالفًا للشرع مما لم يرد في الكتاب والسنة (أو آوى) بالقصر ثلاثيًّا لازمًا كقوله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} وبالمد فيكون رباعيًّا