متعديًا كما هنا نظير قوله:{وَآوَينَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} أي ضم إلى نفسه (محدثًا) أي فاعل الحدث والبدعة ونصره، والمراد بالحدث والمحدث الظلم والظالم على ما قيل أو ما هو أعم من ذلك (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) مر ما فيه من الكلام (لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا) بفتح أوله وسكون ثانيه أي فرضًا أي لا يقبل قبول رضًا عنه، لا قبول إجزاء (ولا عدلًا) بفتح أوله وسكون ثانيه أيضًا أي نفلًا، واختلف في تفسيرهما فعند الجمهور الصرف الفريضة والعدل النافلة، ورواه ابن خزيمة بإسناد صحيح عن الثوري وعن الحسن بالعكس، وعن الأصمعي الصرف التوبة والعدل الفدية، وعن يونس مثله لكن قال الصرف الاكتساب، وعن أبي عبيدة مثله لكن قال العدل الحيلة، وقيل المثل، وقيل الصرف الدية والعدل الزيادة، وقيل بالعكس، وحكى صاحب المحكم الصرف الوزن والعدل الكيل، وقيل الصرف القيمة والعدل والاستقامة، وقيل الصرف الدية والعدل البديل، وقيل الصرف الشفاعة والعدل الفدية لأنها تعادل الدية وبهذا الأخير جزم البيضاوي، وقيل الصرف الرشوة والعدل الكفيل قاله أبان بن تغلب وأنشد:
لا نقبل الصرف وهاتوا عدلا
فحصلنا على أكثر من عشرة أقوال، قال الأبي: وقد قدمنا في الكلام على حديث جبريل - عليه السلام - أن الإحباط إنما هو عبارة عن بطلان العمل في نفسه وأن القبول أخص من الصحة لأن الصحة عبارة عن سقوط القضاء والقبول عبارة عن حصول ثبوت الثواب على الفعل وأنه لا يلزم من نفي القبول نفي الصحة وهذا كالصلاة في الدار المغصوبة أو في الثوب المغصوب فإنها صحيحة أي مجزئة غير مقبولة أي لا ثواب عليها في القول الصحيح فلا يلزم من نفي القبول نفي الصحة حتى يكون ذلك إحباطًا والله أعلم اهـ (وذمة المسلمين) أي عهدهم وأمانهم الذي عفدوه للكفار (واحدة) أي متحدة، والذمة ما يذم الرجل على إضاعته ونقضه من عهد للمعاهد وأمان للمستأمن أي عهدهم وأمانهم كالشيء الواحد لا يختلف باختلاف مراتب الناس، ولا يجوز نقضها لتفرد العاقد بها أو وضاعته وكأن الذي ينقض ذمة أخيه كالذي ينقض ذمة نفسه كأنهم كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى بعضه اشتكى كله كما في المرقاة (يسعى بها أدناهم) أي يتولاها