يسميها بعض المنافقين يثرب، والذي ينبغي أن تسمى به المدينة فكان النبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك الاسم على عادته في كراهته الأسماء غير المستحسنة وتبديلها بالمستحسن منها وذلك أن يثرب لفظ مأخوذ من الثرب وهو الفساد، والتثريب وهو المؤاخذة بالذنب وكل ذلك من قبيل ما يكره، وروى أحمد من حديث البراء بن عازب رفعه:"من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة هي طابة" وروى عمر بن شبة من حديث أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى أن يقال للمدينة يثرب ولهذا قال عيسى بن دينار من المالكية: من سمى المدينة يثرب كتبت عليه خطيئة قال: وسبب هذه الكراهية لأن يثرب إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة، أو من الثرب وهو الفساد، وكلاهما مستقبح فكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح، وذكر أبو إسحاق الزجاج في مختصره وأبو عبيد البكري في معجم ما استعجم: أنها سميت يثرب باسم يثرب بن قانية بن مهلايل بن عَبِيل بن عيص بن إرم بن سام بن نوح - عليه السلام - لأنه أول من سكنها بعد العرب، ونزل أخوه خيبور خيبر فسميت به، وسقط بعض الأسماء من كلام البكري اهـ فتح، وأما المدينة فاشتقاقها من مدن بالمكان إذا أقام به اهـ أبي، وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم طيبة وطابة من الطيب وذلك أنها طيبة التربة والرائحة وهي تربة النبي صلى الله عليه وسلم وتطيب من سكنها ويستطيبها المؤمنون اهـ مفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢/ ٢٣٧]، والبخاري [١٨٧].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
٣٢٣٥ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنا عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) البغدادي (و) محمد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي (قالا: حدثنا سفيان) بن عيينة (ح وحدثنا) محمد (بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري (جميعًا) أي كل من سفيان وعبد الوهاب رويا (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (بهذا الإسناد) يعني عن أبي الحباب عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعتهما لمالك بن