للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مؤمنوها، قال أهل اللغة: يقال نصع الشيء ينصع بفتح الصاد فيهما نصوعًا إذا خلص ووضح، والناصع الخالص من كل شيء، ومعنى الحديث أنه يخرج من المدينة من لم يخلص إيمانه ويبقى فيها من خلُص إيمانه اهـ من النووي. وطيبها مرفوع على الفاعلية وهو بتشديد الياء جعل مثل المدينة وما يصيب ساكنها من الجهد والبلاء كمثل الكير وما يُوقد عليه في النار فيميز به الخبيث من الطيب فيذهب الخبيث ويبقى الطيب فيه أزكى ما كان وأخلص، كما في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه أخرج أهل الكتاب وأظهر العدل والإحسان، وفي التنزيل إشارة إلى هذا التأويل في بيان الحق والباطل من جهة التمثيل حيث قال تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَال}.

قال ابن المنير: وظاهر الحديث ذم من خرج من المدينة وهو مشكل فقد خرج منها جمع كثير من الصحابة وسكنوا غيرها من البلاد وكذا من بعدهم من الفضلاء. والجواب: أن المذموم من خرج منها كراهة لها ورغبة عنها كما فعل الأعرابي المذكور فأما المشار إليهم فإنهم خرجوا لمقاصد صحيحة كنشر العلم وفتح بلاد الشرك والمرابطة في الثغور وجهاد الأعداء وهو مع ذلك على اعتقاد فضل المدينة وفضل سكناها اهـ، وقال ابن بطال: والدليل على أن هذا الأعرابي لم يُرد الارتداد عن الإسلام أنه لم يرد حل ما عقده إلا بموافقة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ولو كان خروجه من المدينة خروجًا عن الإسلام لقتله إذ ذاك ولكنه خرج عاصيًا ورأى أنه معذور لما نزل به من الحمى ولعله لم يعلم أن الهجرة فرض عليه وكان من الذين قال الله فيهم: {وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فإن (قلت): إن المنافقين قد سكنوا المدينة وماتوا فيها ولم تَنْفِهِمْ (قلت): كانت المدينة دارهم ولم يسكنوها بالإسلام ولا حبًّا له وإنما سكنوها لما فيها من أصل معاشهم، ولم يرد صلى الله عليه وسلم بضرب المثل إلا من عقد الإسلام راغبًا فيه ثم خبث قلبه اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٣٥٦]، والبخاري [٢٢١١]، والترمذي [٣٩٢٠]، والنسائي [٧/ ١٥١].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة ثانيًا بحديث زيد بن ثابت رضي الله عنهما فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>