قَال مُسلِمٌ: أَبُو صَفوَانَ هذَا هُوَ عَبْدُ الله بن عَبدِ المَلِكِ يَتِيمُ ابْنِ جُرَيج عَشرَ سِنِينَ. كَانَ فِي حجرِهِ
ــ
كانت عليه) أي على أحسن حال كانت عليه فيما قبل من كثرة ثمارها وتشييد عمائرها وسعة قراها، قال القرطبي تبعًا لعياض: وقد وجد ذلك حيث صارت معدن الخلافة ومقصد الناس وملجأهم وحملت إليها خيرات الأرض وصارت من أعمر البلاد فلما انتقلت الخلافة إلى الشام ثم إلى العراق وتغلبت عليها الأعراب تعاورتها الفتن وخلت من أهلها فقصدتها عوافي الطير والسباع، وقال النووي: والمختار أن هذا الترك يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة ويؤيده قصة الراعيين، فقد وقع عند مسلم بلفظ: ثم يحشر راعيان، وفي البخاري: إنهما آخر من يحشر، ورجحه الحافظ في الفتح، وقال بعد نقل الروايات وهذا لم يقع قطعًا، وقال المهلب: في هذا الحديث أن المدينة تسكن إلى يوم القيامة وإن خلت في بعض الأوقات لقصد الراعيين بغنمهما إلى المدينة، قوله:(العوافي) جمع عافية وهي التي تطلب أقواتها ويقال للذكر عاف، قال ابن الجوزي: اجتمع في العوافي شيئان أحدهما أنها طالبة لأقواتها من قولك عفوت فلانًا أعفوه فأنا عاف والجمع عفاة أي أتيته أطلب معروفه، والثاني من العفاء وهو الموضع الخالي الذي لا أنيس به فإن الطير والوحش تقصده لأمنها على نفسها فيه اهـ.
(قال) الإمام (مسلم) رحمه الله تعالى وهو من كلام بعض رواته أو من كلامه على سبيل التجريد البياني (أبو صفوان هذا) الذي ذكرناه في السند (هو عبد الله بن عبد الملك يتيم ابن جريج) أي ربيبه (عشر سنين كان في حجره) أي في حجر ابن جريج وتربيته وتعهده وحفظه، وعشر سنين ظرف متعلق بكان، وفي تهذيب التهذيب أبو صفوان هو عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي الدمشقي أبو صفوان، ذهبت به أمه أم جميل بنت عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية إلى مكة حين قُتل أبوه مع مروان بن محمد، روى عن أبيه وابن جريج ويونس بن يزيد الأيلي وأسامة بن زيد الليثي ومالك وابن أبي ذئب ومجالد وثور بن يزيد وغيرهم، قال ابن معين وعلي بن المديني وأبو مسلم عبد الرحمن بن يونس المستملي: ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال علي بن المديني: قال لي أبو صفوان: كان مؤدبي يحيى بن يحيى الغساني، قال علي: وكان أفقه قرشي رأيته، وقال الدارقطني: من