فيجيزها الكوفيون ويمنعها البصريون ويتأولون ما جاء منها على حذف موصوف، فالتقدير مسجد المكان الحرام ومسجد المكان الأقصى كما يقال مسجد المكان الجامع، ومنه قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} أي المكان الغربي ونظائره كثير في كلامهم، قال النووي: وسُمي الأقصى لبعده عن المسجد الحرام.
قال القرطبي: ولا شك في أن هذه المساجد الثلاثة إنما خصت بهذا لفضلها على سائر المساجد فمن قال: لله على صلاة في أحدها وهو في غيرها، فعليه إتيانها بعد أو قرب، فإن قال: ماشيًا فلا يلزمه المشي على المشهور إلا في مسجد مكة خاصة، وأما المسجدان الآخران فالمشهور أنه لا يلزم المشي إليهما من نذره ويأتيهما راكبًا، وقال ابن وهب: يأتيهما ماشيًا كما سمَّى وهو القياس لأن المشي إلى مكة إنما يلزم من حيث إنه كان قربة موصلة إلى عبادة تفعل في مسجد له حرمة عظيمة فكذلك يلزم كل مشي قربة بتلك الصفة ولا يلزمه المشي إلى سائر المساجد لأن البعيد منها قد نُهي عن السفر إليها والقريبة منها متساوية الفضيلة فيصلي حيث شاء منها، وقد قال بعض أصحابنا: إن كانت قريبة على أميال يسيرة فيأتيها وإن نذر أن يأتيها ماشيًا أتى ماشيًا لأن المشي إلى الصلاة طاعة ترفع به الدرجات وتحط به الخطايا، وقد ذهب القاضي إسماعيل إلى أن من قال: عليّ المشي إلى المسجد أُصلي فيه فإنه يأتي راكبًا إن شاء ويدخل مكة محرمًا وأحل المساجد الثلاثة محلًا واحدًا، وسيأتي لهذا مزيد بيان في النذر إن شاء الله تعالى اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٢٣٤]، والبخاري [١١٨٩]، وأبو داود [٢٠٣٢]، والنسائي [٢/ ٣٧]، وابن ماجه [١٤٠٩].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
٣٢٦٦ - (٠٠)(٠٠)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي البصري، ثقة، من (٨)(عن معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (٧)(عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن سعيد عن أبي هريرة، غرضه بيان متابعة معمر لسفيان (غير أنه) أي لكن أن معمرًا (قال) في روايته: (تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد) بلا ذكر لا النافية وإلا الاستثنائية.