ممكن وعدم التكليف بغير المستطاع، ويؤخذ منه أن حظوظ النفس والشهوات لا تتقدم على أحكام الشرع بل هي دائرة معها كذا في الفتح (ومن لم يستطع) الباءة أي ومن لم يجد ما يتزوج به من مؤن النكاح (فعليه بالصوم) أي فليلزم الصوم، قال عياض: ليس فيه إغراء الغائب بل الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولًا بقوله من استطاع منكم فالهاء في قوله فعليه ليست لغائب وإنما هي للحاضر المبهم إذ لا يصح خطابه ونظير هذا قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} إلى أن قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ} ومثله لو قلت للاثنين من قام منكما فله درهم، فالهاء للمبهم من المخاطبين لا لغائب اهـ ملخصًا، وقد استحسنه القرطبي، قال الدهلوي: واعلم أن المني إذا كثر تولده في البدن صعد بخاره إلى الدماغ فحبب إليه النظر إلى المرأة الجميلة وشغف قلبه حبها ونزل قسط منه إلى الفرج فحصل الشبق واشتدت الغلمة وأكثر ما يكون ذلك في وقت الشباب وهذا يعني التزوج حجاب عظيم من حجب الطبيعة يمنعه من الإمعان في الاستحسان الذي يهيجه إلى الزنا ويفسد عليه الأخلاق ويوقعه في مهالك عظيمة من فساد ذات البين فوجب عليه إرخاء هذا الحجاب، فمن استطاع الجماع وقدر عليه بان تيسرت له مثلًا امرأة على ما تأمر به الحكمة وقدر على نفقتها فلا أحسن له من أن يتزوج فإن التزوج أغض للبصر وأحصن للفرج من حيث إنه سبب لكثرة إفراغ المني ومن لم يستطع ذلك فعليه بالصوم فإن سرد الصوم له خاصية في كسر سورة الطبيعة وكبحها عن غلائها لما فيه من تقليل مادتها فيتغير به كل خلق فاسد نشأ من كثرة الأخلاط اهـ (فإنه) أي فإن الصوم (له) أي للعاجز عن الباءة (وجاء) بوزن كتاب أي خصاء لما فيه من الجوع وتقليل الأكل مما يزيد في الشهوة وطغيان الماء أي كالوجاء له ففي الكلام تشبيه بليغ، والوجاء مصدر وجا يوجأ من باب نفع؛ وهو رض عروق البيضتين حتى تنفضخا من غير إخراج، ويقال كبش موجوء إذا رضت عروق البيضتين كما في المصباح، قال أبو عبيد: الوجاء بكسر الواو رض الأُنثيين؛ والمعنى أن الصوم يقطع شهوة النكاح كما يقطعها الوجاء يقال وجئ الفحل وجاء إذا رضت خصيتاه، وقال غيره: الوجاء أن توجا العروق والخصيتان قائمتان على حالهما، والخصاء شق الخصيتين واستئصالهما أي إلقاؤهما، والجب أن تحمي الشفرة ثم يستأصل بها الخصيتان، قال الخطابي: وفي الحديث جواز معالجة الشهوة بالأدوية، ودليل على أن مقصود النكاح الوطء، قال ابن بزيزة: فيما قاله نظر فإن